عمــار ســاطع
بغضّ النظر عن المرحلة التي وصلت إليها اللجنة الأولمبية الوطنية من أزمة وصل حدود نشر غسيلها بين المتهافتين على المناصب والمتخاصمين على المواقع القيادية أو أولئك الذين يرقصون على جراحات رياضتنا برمّتها، فإن منطق العقل الذي كُنتُ أنادي به في كل مرّةٍ، غاب كلياً هذه المرّة، بل وأصبح في غياهب النسيان، وكان سبباً فيما آل إليه واقع الحال المرير!
من يتحمّل كل تلك التناقضات والأزمات التي حدثت منذ بدايتها، هُم ذاتهم نجدهم يتصدّرون المشهد، ويتعنتّرون فيما بينهم، ويتسابقون للظهور على شاشة الفضائيات في برامج تروّج لهذا وتكيل المديح لذاك، أو تراهم يتربّص أحدهم للآخر حتى يُمسك الزلّة أو يُعقّب بفعلٍ يظهر للعلن على أنه الفارس الهُمام الذي تقف عند حدود آراءه رياضتنا التعيسة، التي أصبحت منسيّة عن الحدث نفسه!
كل ما يُمكننا أن نذكره اليوم هو أن اللعب أصبح مكشوفاً فالقرَائِين والحلفان والصكوك بلا رصيد أصبحت بلا ستار، ويمكن لكائن من كان أن يطّلِع عليها ليعرف مدى حدود التدنّي الذي وصلت اليه قياداتنا الرياضة، وكل ذلك من أجل البقاء والتشبّث أو من أجل اللحاق بركب المستفيدين أو المستغلّين للمناصب أيّاً كانت درجتها أو فئتها أو تسميتها، فالأهم عند عبيد حُب الجاه والمال هو الفوز بغض النظر عن البرامج أو البناء الستراتيجي الصحيح، والأكثر أهمية هو حجم الفائدة واستغلال المنصب، فكُلّهم يبحثون عن الاستغلال بعيداً عن لغة الإنجاز التي أصبحت منسيّة تماماً!
في اعتقادي الشخصي أن وصول الأمور الى مفترق الطرق الواضح سيصل بنا في غضون أيام الى كارثة لا يُحمد عقباها، فانتخابات 14 تشرين الثاني الماضي، كرّست الى التزمّت والعِناد والاتهامات ونشر الغسيل وصولاً الى رسائل الأولمبية الدولية بمقابل كسر الجمود بتحقيق الشخصية الحقيقية للجنة الأولمبية التي افتقدت تماماً وأصبحت من الماضي منذ يوم اختطاف رئيس وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية صيف عام 2006، قبل أن تصل الى ما تصل اليه الأحوال ليومنا هذا!
أيها الأخوة، كنتُ صريحاً في كل مقالاتي وأعمدتي ومنشوراتي، واليوم سأكون أكثر صراحة من أي وقتٍ مضى، إذ نصل اليوم الى نقطة عميقة جداً، وهي أن من عَمِدَ الى ما حدث في كل ذلك هو الدولة ذاتها، الدولة التي لم تطبّق القانون وأبقت الأبواب مفتوحة على مصراعيها وتأثّرت بضغوطات الأطراف ولم تمسك أي ملف أو وثيقة أو مستند يُدين كل من عمل في الرياضة وسخّر كل شيء لصالحه، وكان يعبث بالمال بعيداً عن الرياضة ولم تنفذ بحقهِ الإجراءات القانونية، هي من شجّعت على ما حدث سابقاً من انفلات وما يحدث اليوم من حقبة كارثية ستحرق الرياضة العراقية وتاريخها!
أقول.. أطالب الدولة بأخذ الأمور على محمل من الجد وأن لا تترك الحبل على الغارب، فالأمور وصلت الى حدود ستنال من رياضة الوطن الكثير، فالتقاطعات لا تخدم والتزمّت سيوصلنا الى واقعٍ مؤلم.. مؤلم جداً!
من وجهة نظري الشخصية أعتقد إن من المهم جداً أن نقيم انتخابات جديدة بتاريخ جديد للاتحادات الرياضية قبل أن نقيم انتخابات لمكتب تنفيذي جديد، لكون المدة القانونية المتبقية للاتحادات الرياضية هي أقل من عامين، أضف الى ذلك ضرورة تغيير النظام الداخلي للجنة الأولمبية بإضافة ممثلين عن الوزارات التي يرتبط عملها لوجستياً داعماً ومسانداً ومؤثراً لرياضة الإنجاز، وهي وزارات الدفاع والداخلية والتربية والتعليم العالي والشباب والرياضة والصحّة فضلاً عن ممثلي الجمعية العمومية لخبراء مختصّين بالاستثمار والقانون والإعلام لتكون بذلك ثورة شاملة تهدف إلى تأسيس رياضة الإنجاز والبطل الأولمبي.
اللهم إني بلّغت اللهم أشهد.