TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: (أماني) النص الإنساني لفاضل ماهود

كلاكيت: (أماني) النص الإنساني لفاضل ماهود

نشر في: 2 ديسمبر, 2020: 09:05 م

 علاء المفرجي

فاضل ماهود، خريج المدرسة العربية للسينما والتلفزيون القاهرة ، مخرج ومنتج، كان أول عمل له هو فيلم (وطن) ، كانت السينما – كما يرى - هي عالمه الخاص ، والروح حيث أشعر بالنشوة التي تبدأ من الكتابة الى رسم المشهد وبناء الدراما والانتقال الى مواقع التصوير ، حيث عالم آخر من الخيال والسحر والجمال ذلك هو الإحساس عندما نعمل في السينما.. 

مرة سُئل في مقابلة صحفية عن النص أو الفكرة التي تستهويه، فكانت إجابته، الواثق منها – أكيد الإنسانية ، لذلك تجد جميع أفلامي كان الطابع الإنساني هو الطاغي عليها.

من هنا أتناول فيلمه الوثائقي الأخير (أماني)، وأماني هي (أماني نصار) ذات الـ 20 عاماً، التي قررت تحدي الظروف على كرسيها المتحرك، لتصبح بطلة ضمن منتخب العراق في رياضة رمي القرص والرمح والثقل للمعاقين، بعد أن تعرضت لحادث في عام 2009 أدى إلى بتر ساقيها. الفيلم الذي لم يكن حلم فاضل ماهود السينمائي في أن "يرى الناس واقفة على شباك التذاكر تتزاحم لمشاهدة أفلام سينمائية عراقية، وأن تنزل الكاميرا السينمائية العملاقة للشارع ، وأنا متأكد من أن الناس ستنذهل عند رؤيتها الآن لأنهم لم يروها من قبل ." لأن فيلمه ذو قيمة فنية استثنائية، أو ينافس فيه من أجل جوائز المهرجانات السينمائية، وقد كان يريد إيصال مناشدة إنسانية عظيمة، فقد تفوق (الإنسان) على (الفنان) عند ماهود، ألم يكن جوابه في الفكرة التي تستهويه أن تكون إنسانية.. لقد رأى (أماني) مصادفة في مهرجان ثقافي في الناصرية، ولفتت انتباهه مما دفعه الفضول للتعرف عليها، حينها علم إنها بطلة بارالمبية وهم الأبطال الرياضيون من ذوي الاحتياجات الخاصة ، ولها مشاركات دولية، فقد تعرضت لإصابة مميتة بحادث ارهابي ففقدت ساقيها فقرر أن يصنع من قصتها فيلما وثائقياً ،على أن يكون الهدف منه إجراء عملية زراعة أطراف اصطناعية، وشرعت بالتصوير وبعد مرور ثلاثة أشهر من التصوير، تعرفت على أشهر طبيب اختصاص في جراحة العظام والأطراف الاصطناعية في استراليا (عراقي الاصل) هو الدكتور منجد المدرس..

وخلال اثنين وعشرين دقيقة وهو زمن الفيلم يتابع فاضل ماهود إجراءات معالجتها في بلد تكون فيه هذه المهمة مستحيلة إن لم تكن فاشلة، ويحاول الاتصال بالطبيب الاميركي الذي بتر أطرافها عند إصابتها وتعرضها لحروق كبيرة ثم تسمم أدى الى اضطراره لبتر الساقين لاصابتهما بالعفن (الكنكري) .ثم التواصل مع الطبيب الشاب الذي غادر العراق مرغماً إبان النظام السابق حين فرض عليه قطع أذان وألسن العسكريين أو المناهضين للحكم فسجن حينها بعقوبة من النظام ليغادر الوطن الى استراليا ويتخصص في براءة اختراع ربط الأطراف الصناعية بالنخاع الشوكي والأعصاب والعظام ليكون الطرف الصناعي مقارباً للطبيعي. ثم بعد الاتفاق والفحص وقدوم الطبيب الى العراق .

ولأن العميلة تكلف 100 ألف دولار يقوم ماهود بالاتصال بالمسؤولين، وبعد عناء وجهد كبيرين حصلت الموافقة وصرف المبلغ وتم استقدام الطبيب العراقي الى بغداد من استراليا في مستشفى ابن سينا وأجريت عملية الزرع وتكللت بالنجاح وعادت أماني تمشي على ساقيها وغادرت الكرسي المتحرك".

لم يضع ماهود على فيلمه آمال الحصول على الجوائز، أو ثناء المهتمين في السينما قدر إهتمامه بعودة (أماني) لمنجزها الرياضي، وإتمام المهمة الإنسانية التي نذر لها وقته .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anonymous

    شكرا لك استاذ علاء ولإنطباعك وإطرائك الرائعة

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram