محمد حمدي
يمرّ الوسط الرياضي العراقي بأسوأ فتراته المُظلمة طول تاريخه الموغِل في القِدَم على الاطلاق، ويعكس المشهد وجهاً بشعاً لحالة التردّي والنزول الى القاع حدّ التمزّق وإنهاء الذكريات الجميلة التي نحملها عن منجز أو مباراة أو بطولة تغنّت بها الجماهير.
اللجنة الأولمبية منقسِمة ومتقاطِعة حدّ تكسير العظام وإنهاء طريق العودة بالتدويل والمحاكم والمؤامرات والمهاترات، واتحادات أضحتْ بالاسم فقط، ولا تعلم من هو الشرعي فيها بعد أن ولدت مستنّسخة شرعية وهجينة، ولا نعرف من منها الأصل!
أندية على حواف الإفلاس والاندثار والاستجداء في العَلن بعد أن غابت الحِكمة عن إداراتها واحترفتْ الشكوى والتعكّز على من يُسندها لتسيير أحوال يومها، ومحاكِم مُنشغِلة بدعاوى هائِلة شخصية ورسمية وأخرى تتعلّق بالنزاهة وملفّات الفساد.
مؤسّسات تركت الحبل على الغارِب مع إنها تدّعي المسؤولية، فضلاً عن لجنة رياضة وشباب برلمانية تعيش اللحظة وحُب الظهور الإعلامي والادّعاء بما ليس لديها أو لدى رئيسها الذي لم يستوعب أنه على رأس لجنة برلمانية حتى الساعة فراحوا يبحثون عن مؤتمرات وندوات شكلية صورية لا طائل منها ولا مُخرجات تُسرّع إصدار القوانين التي تعطّلت وتحبوا في البرلمان كما السلحفاة في دائرة مُفرَغَة!
صراعات تناسلت وتوسّعت وامتدّت لتشمل الإعلام الرياضي الذي انقسم هو الآخر ويبحثُ كلِّ طرفٍ فيه لارتداء ثوب محامي الشيطان والمنظّر الأوّل وصاحب الحلّ والعَقد، وهو منه بُراء ولا دور له سوى إذكاء الوقود واستمرار شُعلة الصراعات في عزّ أوارها!
هذه الصورة السوداوية البائِسة ستصل بنا الى نتائج كارثية بالتأكيد وتنهي آخر فسحة أمل لرياضي عراقي مع الاستمرار ومواصلة التعلّق بهوايته ومن يعوّل عليها منافساً ومشاركاً بعد أن تختم الأولمبية الدولية بالشمع الأحمر على سجل الشَرَف في تواجدنا بميدان المتنافسين.
اعتقد جازماً.. أن ما وصلنا اليه لن تنفع معهُ تدخّلات العُقلاء والساعون بأنفاس طيّبة لحلحلة المشاكل واحتوائها، بل العكس هو الصحيح تماماً بعد أن ظهرت الميول والتخنّدقات على حقيقتها واضحة جليّة، وصارت الشكوك تساور المتخاصمين بأن ليس هناك في الساحة اليوم من يقف على مسافة واحدة من الجميع وبصورة خاصة ممّن يعمل في المؤسسات الرياضية!
الحل ببساطة واستحقاق يجب أن يظهر من حقيبة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي شخصياً، ويتولّى ملف إدارة الأزمة الكبيرة قبل أن تتّسع وتصل الى نقطة اللا عودة، وأن يمارس حقّه باسم الشعب بالضغوط والاحتواء، وجميع وسائل القوّة التي يمتلكها مُعزّزة بالسلطات الأخرى لرئاسة البرلمان والجمهورية وأي طرف له قوّة، وينال احترام وسُمعة كبيرة في التأثير، فعصر المهازل والتردّي يجب أن ينتهي بعالم الرياضة أوّلاً وإن تحقّق ذلك يقيناً ستكون مردوداته كبيرة ومُهمّة على جميع مؤسسات الدولة.
المشاكل كثيرة جداً وأخطر مِنْ أن نتركها على أنها شأن رياضي للمعنيين بها، فقد أثبتت القرائن والأحداث العكس، وإن أبطال الأمس في ساحات التنافس هُم فُرقاء اليوم.. وبعُنف! مع كل ذلك فإن خارطة طريق جديدة بقوانين مكتملة للأندية والاتحادات وتعزيز ما تنفّذ منها أو لم يُكتمل بَعدْ في قانون وزارة الشباب والأولمبية سيكون إضافة مهمّة ربّما يتم بحثها بجلسة طارئة للبرلمان قريباً، وقد وصل صوتنا إليهم ووعدونا خيراً في القريب العاجل بأن تُعقَد جلسة خاصّة لبحث تداعيات ملف الرياضة وعدم قُدرة المؤسسات على الاحتواء.