TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك: (انكلب الطابك طبك)

هواء فـي شبك: (انكلب الطابك طبك)

نشر في: 16 مايو, 2010: 09:04 م

عبدالله السكوتي والطابك قرص دائري من الطين المفخور يوضع على ثلاث ارجل ويوقد تحته الحطب ويكون سطحه الذي يخبز عليه فوق النار مباشرة، حتى اذا احمر قلب ووضع عليه عجين الرز ويوضع على العجين الجمر فاذا نضج رفعت عنه النار وترك حتى يبرد قليلا ثم يكشط ويوضع في اناء يقاربه حجما يسمى الطبك وهو وعاء من نسيج الحلفاء،
 يستعمل لاغراض عديدة منها وضع ارغفة الخبز عليه بعد اخراجها من التنور، ويستعمل احيانا كبديل عن السفرة ؛ وفي هذا يحكى ان جماعة وضعوا خبز الطابك في الطبك لاكله، فشغلهم شاغل ادى الى ابتعادهم عنه، ولما عادوا ليأكلوا وجدوا الطبك بمفرده ولم يجدوا الطابك فقال احدهم (انكلب الطابك طبك). ويضرب هذا المثل للجماعة حين يتعرضون للخيبة على اثر خدعة.حين تقطع شوارع بغداد المزدحمة تتخيل انك في مدينة تعرضت لزلزال فأتى عليها، ذات الرجل الذي عانقني في 9نيسان 2003 فرحا باندحار الطاغية، هو الذي حكى لي قصة هذا المثل بعد ان ضحك ضحكا كالبكا مثلما يقول ابو الطيب المتنبي، وردد بازدراء ؛ (شو انكلب الطابك طبك) كلنا كان يحدونا الامل بحياة افضل وبديمقراطية فريدة من نوعها يتداول خلالها السياسيون السلطة سلميا وبلا ضغائن،لكن الذي حدث ان اسباب التغيير بدأت تتهاوى بعد ان رأى الناس الامرين من اطراف عديدة، منها الصديق الذي قلب ظهر المجن ومنها العدو الذي جاهر بعدائه للديمقراطية، ومن المؤكد ان الاعداء يتوزعون الى اطراف طرف عادى النظام السابق فاسقط عداءه على الشعب وهذا الطرف تمثله دول مجاورة، وعدو آخر يتميز بعدائه للجميع مثل القاعدة والجماعات المتطرفة، اضف الى ذلك ان السياسيين في العراق والذين تسلموا مقاليد الامور لم يكونوا اصحاب تجربة ولهذا صاروا حقل تجارب من قبل طرف قوي يملي عليهم الافكار الجديدة على اعتبار حنكته السياسية، مقارنة بهؤلاء السياسيين المبتدئين، ماحدا بالوضع السياسي الى التراجع رافقه تخلف ثقافي وعمراني وخدماتي، ولاننسى الاعلام العربي ومافعله في جعل هذه التجربة مجهولة المعالم والنتائج ساعدته في ذلك اعمال العنف التي حدثت بعد التغيير ؛ فاحبكت الخطة تماما وسببت في هجرة العقول والكفاءات، حتى اصبح العالم والطبيب الجيد عملة نادرة، كل هذا اثر بشكل سلبي واضح على التجربة العراقية وقلب (الطابك طبك)، ولم تكن الامور مجهولة الاسباب، لم يعد الامر مخفيا ان العراق يعيش اقوى مراحل التخلف في جميع مجالاته الصحية والتعليمية والتكنلوجية، ومع هذا لم يحصد العراقيون ولا مكسبا واحدا مما وعدوا به، واصبح الفرد يفكر بذاته بعيدا عن الجماعة، اصبح يتعالج بمفرده لانه حصن نفسه بالاموال وكذلك يتعلم بمفرده ويوفر الخدمات التي من المفترض ان توفرها الدولة له، لقد حصن نفسه واخذ يبشر بهذه الفكرة ؛ ثقافة المواطنة اصبحت في الخلف وقد اعجبني احد المثقفين حين قال في لقاء تلفزيوني: ليس من الضروري ان نعلم الطفل الشعر الذي يتغنى بحب الوطن بقدر مانعلمه ان لايرمي ورقة في الشارع، وهذا ماسيساعد المجتمع على تغيير بعض القيم السيئة التي نشأت عقب سقوط النظام السابق، والتي ركزت على ان الفرد لاينتمي للجماعة وهذه ايضا من مخلفات النظام السابق الذي عكس كثيرا من القيم، الجماعة هي ضمانة الفرد الحقيقية ولذا لم ينشأ المجتمع الانساني الا على شكل جماعات، تنظمت في حملات الصيد ومن ثم بدأت الجماعة في بناء الدولة المصغرة،ولانعني الجماعة التي تمثل العشيرة او الطائفة وانما الجماعة التي تمثل الوطن، كي لا(ينكلب الطابك طبك).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram