TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من سرق أحلام العراقيين؟

العمود الثامن: من سرق أحلام العراقيين؟

نشر في: 5 ديسمبر, 2020: 09:11 م

 علي حسين

في ساحة حافظ القاضي بشارع الرشيد ، أقام المصور الأرمني "أرشاك" جمهورية الحلم، يؤمن مؤسسها بوطن معافى يقوى باجتماع المختلفين وببساطة الإيمان بغد أفضل.. جمهورية "أرشاك" عبارة عن محل صغير، جلس في زاوية منه أبرز أعلام العراق من الذين كانوا ينادون بدولة المواطن التي تترفع على كل الطوائف.

الدخول إلى جمهورية "أرشاك" وتقليب دفاتر الذاكرة معه يحتاج إلى مراجعة ذهنية لكل ما مرّ بالعراقيين من أفراح ومآس، فوسط الوجوه التي تحاصر الزبائن نجد صوت الرصافي حادًا وهو يطالب بدولة المواطن لا دولة الطوائف.. تطالعنا الوجوه في كل ركن وكأننا نتصفح ألبومًا لحلم مضى سريعًا. وجوه تقول لنا: ستنتصر الحياة رغم كل الهزائم . ننظر إلى الجواهري يتسلق أكتاف المتظاهرين وهو يصرخ : "أتعـلـم أم أنــت لا تعـلـمُ بـأن جـراح الضحايـا فـمُ"، في زاوية نتطلع إلى مصطفى علي ومحمود أحمد السيد وحسين الرحال يحذروننا من الوقوع في جب الطائفية.. نمعن النظر فيما كتبه الزهاوي والكرملي وحسين جميل ومحمد حديد وصبيحة الشيخ داود، كان حلمهم واضحًا: بلاد تنهل من الاختلاف لتحوله إلى مصدر قوة وتماسك، بلاد متحررة من قيود الأنانيات الطائفية والحزبية، فكان أن دفعوا ثمن الحلم غاليًا، نسيان ونكران وتفضيل عالية نصيف وصالح المطلك وعباس البياتي عليهم. نتطلع في وجوه قادة جمهورية "أرشاك" ونسترجع معها حلم العراقيين جميعًا بجمهورية الفرحوالرفاهية .. فنجد أننا اليوم نعيش في بلاد توشك أن تصبح اسمًا بلا مسمى.. بلاد في حاجة إلى إنقاذ، ولن تنقذها إلا استعادة حلم العراقيين بدولة المواطن، لا دكاكين الطوائف. بعد سبعة عشر عاما على التغيير صار واضحًا أن العراقيين جميعًا لم يخسروا فقط حلم الديمقراطية، لكنهم يضيعون اليوم فرصة النهوض بالبلاد، وباتوا جميعًا مهددين بفقدان الأمل. بعد سبعة عشر عامًا عجاف، مارست فيهااحزاب السلطة كل وسائل الضرب لقواعد الحياة الوطنية، فاقت كثيرًا ما دمرته الحروب. سياسيون يواصلون كل يوم إفراغ البلاد من طاقتها الحياتية.. بعد سبعة عشر عامًا لم يعد يعادل التوق إلى التغيير غير اليأس من إمكان حصوله في ظل طبقة سياسية مملوءة نفوسها بالأنانيات وحب المال والسلطة. بعد سبعة عشر عاما من التدمير ومن بث اليأس في نفوس الناس كي يتخلوا عن دورهم في إدارة شؤون بلادهم.... بعد سبعة عشر عاما بات علينا جميعًا أن نجدد الحلم ببلاد تكون للمواطنين وحدهم، الحلم ببيت عراقي، لا بيوت طائفية. ننظر إلى الصور التي امتلأت بها جدران "أرشاك" ونتذكر أننا جميعًا عشنا حلم التغيير لأيام وشهور بعد سقوط تمثال "القائد الضرورة"، لكن سرعان ما سُرق الحلم من قبل أمراء الطوائف، ليعيدوا من جديد تشغيل ماكنة الدكتاتورية التي توهمنا جميعًا أنها أصيبت بالعطب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram