TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > نافذة من موسكو..اغتيال فخري زادة : الأهداف والنتائج المحتملة

نافذة من موسكو..اغتيال فخري زادة : الأهداف والنتائج المحتملة

نشر في: 7 ديسمبر, 2020: 07:04 م

 د. فالح الحمـراني

ليس من الغريب أن يثير اغتيال العالم الفيزيائي الإيراني محسن فخري زادة ، الذي كان مسؤولاً عن مركز الأبحاث التابع لوزارة الدفاع الإيرانية ، أصداءً دولية واسعة، لم تشهدها عمليات اغتيال 6 علماء إيرانيين آخرين في غضون السنوات العشرة الماضية.

فالعملية المجرمة تأتي مباشرة بعد تطبيع عدد من الدول العربية العلاقات مع إسرائيل!، وممارسة الضغوط على الأخرى للتطبيع غير المتكافئ، وتزامنت مع تردد أنباء عن تحضير دونالد ترامب لإنزال ضربة بإيران قبل مغادرته البيت الأبيض، فضلاً عن ظهور مؤشرات على استعداد إدارة الرئيس المنتخب جون بايدن العودة الى الاتفاق النووي الموقع عام 2015 الذي انسحبت منه واشنطن في ولاية دونالد ترامب، وتخفيف عبء العقوبات على إيران. وجاءت العملية مباشرة بعد تسريبات إسرائيل مزاعم عن عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اجتماعاً مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وتأتي بمثابة تأكيد إضافي على إن إسرائيل تنوي الهيمنة على الأمن الإقليمي وفرض سياستها من خلال تفوقها العسكري المدعوم أمريكياً ـ غربياً، وبقاءها كدولة نووية وحيدة في المنطقة، ومنع أي دولة في المنطقة تنفيذ برنامج نووي، حتى للأغراض السلمية، من دون إشرافها وموافقتها!. كما أن تل أبيب تخطط لوضع المزيد من العراقيل أمام تنقية الأجواء بين طهران وواشنطن، وبالإضافة الى الاتحاد الأوربي والعديد من الدول ندّدت العراق وعُمان وقطر والإمارات العربية بعميلة اغتيال فخري زاده. 

وتعهدت طهران بالانتقام لاغتيال فخري زادة ، على الرغم من أن المسؤولين الإيرانيين أوضحوا للاعبين الغربيين والإقليميين أنه " سيتم وزن أي رد ومن المرجح تأجيله"، وثمة تقديرات بأن الإيرانيين لن يتخذوا أي خطوات انتقامية جادة حتى كانون الثاني المقبل على الأقل، أي حتى دخول جون بايدن البيت الأبيض. 

وشجبت موسكو بشدة اغتيال عالم الفيزياء النووية محسن فخري زاده في إيران "الرامي إلى زعزعة استقرار الأوضاع في المنطقة". كما جاء في تعليق دائرة الإعلام والصحافة بوزارة الخارجية الروسية. وأضاف: "ندين بشدة مقتل العالم محسن فخري زاده في 27 تشرين الثاني في إيران. ونعرب عن قلقنا البالغ من الطبيعة الاستفزازية لهذا العمل الإرهابي الذي يهدف بوضوح إلى زعزعة الوضع وتفاقم احتمالات الصراع في المنطقة، ومن يقف وراء القتل ويحاول استغلاله في مصالح سياسته، ويجب محاسبته على ذلك ". وأشار التعليق إلى: "أن الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي يمثلان الأولوية الدائمة لروسيا". وأضافت الخارجية الروسية" أن جهود الجانب الروسي ومبادراته داخل الأمم المتحدة وفي المحافل الدولية الأخرى وفي العلاقات الثنائية مع دول المنطقة تهدف إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة. ودعت " جميع الأطراف إلى الامتناع عن الخطوات التي قد تؤدي إلى تصعيد التوتر".

ولم يؤثر اغتيال الفيزيائي الإيراني محسن فخري زاده بأي شكل من الأشكال على خطط الرئيس الاميركي المنتخب بايدن للتقارب مع طهران. وأكد أنه سيعيد بلاده إلى خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني. وكان دونالد ترامب قد اخرج أميركا من "الاتفاق النووي" الذي ينص على رفع العقوبات الدولية المناهضة لإيران.

ولم يعلق المسؤولون الأميركيون في البداية على جريمة الاغتيال بأي شكل من الأشكال. ولم يرد أي رد على اتهامات إيران لإسرائيل بارتكابها، أو على معطيات صحيفة نيويورك تايمز ، التي أكدت هذه الاتهامات نقلاً عن مصادر موثوقة. ويُزعم أن المخابرات الأميركية على دراية بخطط اغتيال فخري زاده بعملية تنفذتها القوات الخاصة الإسرائيلية.

وقدم بايدن أخيراً تعليقاً على الأحداث الإيرانية. وتم الاتصال به عبر الهاتف من قبل توماس فريدمان الحائز على جائزة بوليتزر ، وهو كاتب عمود في نيويورك تايمز وأحد أبرز الصحفيين الأميركيين المهتمين بشؤون الشرق الأوسط. وسأله خلال المحادثة عما إذا كان الرئيس المنتخب ينوي الاستمرار في الالتزام بالهدف الذي أعلنه خلال حملته الانتخابية - وهو إعادة الولايات المتحدة إلى "الاتفاق النووي"؟ أجاب بايدن: "لن يكون الأمر سهلاً ، لكن نعم".

وقال بايدن إنه يعتزم "مع الحلفاء والشركاء" تطوير بعض " الاتفاقيات الإضافية" التي "من شأنها أن تعزز وتوسع القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني". وتفترض خطة العمل الشاملة المشتركة إضعاف العقوبات ضد إيران. وأدى الانسحاب الأمريكي من هذا الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بجهود باراك أوباما ، إلى استئناف الإيرانيين تطوير برنامجهم النووي. والآن ، بعد اغتيال فخري زاده ، أقر البرلمان الإيراني قانوناً يشير إلى انسحاب البلاد من خطة العمل الشاملة المشتركة، ولكن لم تتم الموافقة عليه بعد وهو غير ساري المفعول.

ويرجح فريدمان ، نقلاً عن مصادره ، أن بايدن يبغي زيادة عدد المشاركين في خطة العمل الشاملة المشتركة بالإضافة إلى الخمس دول الأعضاء الدائميين في مجلس الأمن الدولي (روسيا والصين وبريطانيا العظمى وفرنسا والولايات المتحدة) ، وكذلك ألمانيا ،التي وقعت على الاتفاق النووي. أي ما يسمى بصيغة 5 + 1 ، لرفع العقوبات عن إيران بضمان القوى الكبرى في العالم. ويريد بايدن من جيران إيران العرب ، وبالدرجة الأولى السعودية والإمارات ، الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. باعتبار أن السعودية هي أقوى دولة من الناحية الاقتصادية في العالم العربي ، والمنافس الجيو/ سياسي والأيديولوجي للجمهورية الإسلامية في الشرق الأوسط. فيما تلعب الإمارات دوراً خاصاً في المنطقة. وكما أشار خبير منطقة الخليج فلاديمير إيسايف في مقابلة صحفية: إن هذا البلد (الإمارات) حاول تقليدياً الحفاظ على علاقات متساوية مع إيران والسعودية. ومؤخراً ، أصبحت الإمارات ، إلى جانب البحرين ، عضواً في "الاتفاقات الإبراهيمية". وهو مسمى الاتفاق الذي أبرم بوساطة واشنطن وبفضل جهود ترامب لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وبالتالي، إذا انضمت الإمارات إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ، فستكون جزئياً ممثلة لإسرائيل التي هي الآن شريكها السياسي. والكلام للخبير الروسي.

ومع ذلك ، لا تزال إسرائيل بالتأكيد غير راضية عن نية بايدن العودة إلى "الاتفاق النووي". وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد دعا الرئيس الأميركي المنتخب بصراحة إلى تغيير رأيه. وقال مخاطباً بايدن، في محفل مكرس لذكرى ديفيد بن غوريون لأول رئيس وزراء إسرائيلي: "لا تعودوا إلى الاتفاق النووي. يجب أن نلتزم بسياسة لا هوادة فيها لضمان عدم قيام إيران بذلك". 

وتشير وسائل الإعلام الإسرائيلية بهذا الصدد إلى تصريحات ممثلي فريق بايدن خلال حملته الانتخابية. لذلك، تحدثت نائبة الرئيس كامالا هاريس في آب، بشكل لا لبس فيه عن مواصلة دعم إسرائيل. وقالت : "دعوني أكون واضحة لن نسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية. وسنواصل تقديم دعم الولايات المتحدة الصلب لإسرائيل".

وسيتضح موقف الولايات المتحدة إذا تم النظر في قضية فخري زاده في مجلس الأمن الدولي. وطالبت إيران بذلك. لكن ممثل جنوب أفريقيا لدى الأمم المتحدة جيري ماجيلا ، الذي يشغل الآن منصب رئيس مجلس الأمن ، قال لرويترز إنه حتى الأول من كانون الأول، لم تقدم أي دولة طلباً رسمياً لإدراج القضية في جدول أعمال مجلس الأمن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram