ناجح المعموري

فقه النشوة نصوص شعرية وليست كتاباً، على الرغم من العديد منها مكتوبة شكلاً سردياً ، لتومئ للكتاب .

لكن قراءة النصوص تثير في المتلقي كثيراً من المرويات لأن الجسد المكين يذهب نحو المحكيات ، لسبب بسيط وجوهري ، لأنه يتضح اكثر ، ويراه العاشق واضحاً وملتمعاً على سطح المرآة. هذا هو الذي تبدّى لي وإنّ المحكيات التي القت على النصوص ظلال الكتاب الذي هكذا وجده الشاعر عمار المسعودي وأنا التقطت منه كثيراً من السرديات. التي تمظهرت لي.

نصوص الشعرية مشحونة بالمتوتر الكامن فيها ، وهو دائماً هكذا في اليومي والتقليدي ، النمطي المألوف ، شحنات تلتمع لتعطي فيضان الأسرار وهي تتخاصم على البوح ، كي تصير مرويات ، هذا هوس الشعر لدى عمار المسعودي ، وجنون امتلاء الكائن المعشوق بما يريده الراوي له ، لأن الجسد مقدس ، جسد الأنثى ، يتعامل معه الشاعر بصفته الأسطورية وحضوره الديني البدئي وهذا في منتهى الوله وكأنه يلتقط شذرات خبل الصوفي، وهو يتخيل المعشوق جسداً مستوراً ومعلنا عن العري . هذا هو ما جعل سرديات المسعودي التماعات تتسيدّ فيها البلاغة ويثور المتخيل المبتكر لما هو معقول ولا واقعي ، تجربة فيها ما يجعل منها ذات خصائص ، أبرزها استعادة الرموز البدئية ضمن محكيات النصوص وهو يظن بأنه كتاب ، رموز متشابكة ، لا تبتعد كثيراً عن المقدس متخيلات المقدس ، متوترة في الصورة وصامتة في اللامرئي الرمزي، المانح للأب سلطته المكتفية بالمعبود المكشوف. الذي رآه المتصوف ، الذي هو اكثر علواً وتسامياً من الذي اعتاد عليه الكائن من خلال أنماط الأصول البدئية المحافظة على الجسد . المتسترة عليه. وهو عار مكشوف مانح كل شيء فيه وعليه لمعشوق " فقه النشوة " العارف لأنماط العلاقة العلنية / السرية ، الصامتة والصارخة ، اللاهثة بممنوحات الجسد ، الضاج برموز المقدس الذي فيه عربدات اللائذ من مخاوف النشوة ومتاعب انفجارات اللذة وهيامها ، ماثله للفضاء بالمرويات التي لن يتمكن منها كائن ما في الحياة ، لأنها متخفية لا ياتقطها إلا الفقه الجسدي الخيالي المتشابك مع الرمزيات التي تعامل معها لاكان بتمثلها الواقعي والخيالي والاسطوري ، هذه العناصر مكونات تفجرها الطاقة الكامنة في المقدس ويلملمها المقدس فيضاً ، ويعطي منه لكل من به هوس للحظة الممسك بها منذ لحظة الفردوس الاول ، لحظة تعرف الأنثى واكتشاف الفحل .

أن تعرف كلامه في الصمت ، وصمته في الكلام ، وما يحبُّ ما يبغض ، وما يلبس في الصباح ، وفي الضحى ، وفي العصر ، وفي الغروب ، وفي الليل ، وما يصوغ من عطره وما يسيل من شفتيه ، وما يظهر ، وما يضمر وما يبوح ، وما يسرُّ وما يتكسر من شفتيه في الابتسامات ، وما يسيل فوق وجنتيه من دمعات وما يرغبان به من تطريز جهة اليسار وجهة اليمين من قميصه الحرير ، وما يختفي من تثنية اول قيامه ، وما يجب اظهاره في ميسر ، وما يفعله في الاول من إغفاءته ومن الأول من استيقاظه / ص82.

في هذه السردية، محكية الكشوف عن المقدس الأنثوي المادي ، والجسد اللامرئي ، المتخيل والذي يضيء ظلمات النشوة ، ليس بالتوتر ، بل من خلال تدفق واستمرار سيلان العسل من العينين ، تدفق مستمر ، يوقظ منافذ المقدس . فاذا أرادت المحكيات أن تقوله لي ؟ همس وصوت ضاج بالشحنات التي يحنّ لها الكائن الأول والأخير وتدوم اللذائذ عبر ممسكات اشتعال النار وتساقط الماء . إن مثل هذه الآلية ــ إن وجدت ــ لأنها من خاصيات المتصوّف ،..

كتاب كلام النشوة ، سرديات ، كوامن ، مخفيات ، تقول ــ ما لا يقوى على قوله شخص آخر ، ويمثل ما لقوى أخرى طاقة تمثيله ، متحصن بالعناصر الرمزية وإرادة الذاكرة التي أعادت صوغ النشوة بكلام الصوفي وما ينطوي على قداسة جعلت جسده مشتهى فأخذته النار . واعني بها العنصر الباشلاري الرمزي وهو لاكاني ويونغي أيضاً . لأن الفلسفة ، لم تستطع التوحيد بين الثلاثة ، فكان الرمزي هو الأولى قبل الخيالي والواقعي . ويعتقد لاكان بأن الرمزي الصرف يريان كما هي الحال . عند شتراوس .

إن الكلام على الكلام صعب، هذا ما قاله التوحيدي بمعنى إن الكلام الذي قاله المفكر هايدجر عن الشاعر ترى كل ضرورات الشعرية التي تخضع الكلام من أجل انتاج معانٍ يتسلل اليها كلام. وتعبير سيرورة الكلام ليس سهلاً لذا ظل عصياً عن دي سوسير .

محكيات المسعودي متكتلة ، متضافرة ، مفرزه للهدوء والاستقرار ، وتقود نحو استحضارات لا يفارقها المتلقي : 

*لا أحب النضج ، خشيتي من القطاف لا توصف لا أحب الصورة التي لا تزيل كثيراً من سمرتي .

*أنت في النسيان ، فلا تحاول في الذكرى ، فما يتناثر منك من اهتمام ظاهر ، دعك منه كونك في منتصف العشق شيئاً قابلاً للمحو .