عمار ساطع
يفرض المنطق نفسهُ علينا ونحنُ نتطرق الى موضوع المعاناة الحقيقية للأندية الرياضية عندنا، بل إن الحديث عما تواجهه أندية البلاد يتعلق فقط بقضية واحدة وهي افتقارها للأموال!
نعرف تماماً أن المال أصبح اليوم عصب الحياة، غير أن المال لا يكفي أبداً في تحقيق ما يمكن تحقيقه من أحلام تراود أهل الرياضة أياً كان موقعهم، لأن غياب العقليات الرصينة والخبرات المركونة ستدفع بالمال والممولين الى الهاوية!
التحليق صوب الإنجاز والوصول لأبسط الأحلام يبدأ من التخطيط الستراتيجي الفعلي الذي ينقلنا الى عالم الاستثمار أولاً والاحترافية فيما بعد، لأن أنديتنا تَمر في ظروف استثنائية وصعبة، وحرجة للغاية إن صح التعبير، في ظل اعتمادها على الدولة في المُنح المالية والتخصيصات التي لا تسد رمق عقدين أو ثلاثة عقود للاعبي فريق كرة القدم أو مدرب له اسمه وتاريخه، وبالتالي فأن ما يحدث هو أشبه بالانصياع لأوامر الدولة وفق قناعات اجبارية تبتعد عن التفاهمات والنقاشات، بمجرد الرضوخ لقوانين وأنظمة أكل عليها الدهر وشرِب!
وحتى نكون منصفين في طرحنا هذا، فأن الدولة لا يمكن لها أبداً أن تصرف الأموال على أندية قوامها 350 في عموم البلاد، بل أن إجازات التأسيس تُمنح بمجرد الانتهاء من المتطلبات وشروط اكتساب ورقة التأسيس، وأنديتنا لا هي حكومية تعيش تحت خيمة الوزارات ولا هي أهلية تتنفس الصعداء، وفي الحالتين إنها تعاني الأمرين بسبب الوضع الرسمي وغياب المستثمرين ومن ثم تغييب الاحتراف الذي ينشد إليه الجميع!
في المحصلة النهائية، تبقى الانتخابات (الأكذوبة) فرصة لوصول من هم ليسوا بمؤهلين لقيادة الأندية أو وصول انتهازيين يملكون علاقاتهم مع الجهات الداعمة أحزاباً وقيادات وسياسيين ليكونوا في الواجهة ويتحكمون بكل كبيرة وصغيرة ويتدخلون في كل شاردة وواردة بهدف المكوث في المنصب على اعتبارها واجهة جماهيرية بغض النظر عن المنجزات او الانفرادات في تحقيق النجاحات!
في اعتقادي الشخصي، لو تتفضل الدولة العراقية بحكومتها، أن تنهي كل هذا الجدل بإحداث ثورة تغيير شاملة تنقل الأندية من تبعيتها للدولة وزارة واولمبية الى أندية ثقافية رياضية اجتماعية وتقوم ببيعها في مزادات علنية وفقاً لتنظيم قانوني ليقوم المستثمرين بشراء الاندية شريطة أن تحفظ حقوقها في البنوك وأن تترك الأمر على مالك النادي بتعيين الأعضاء ومن يشاء، وفقاً لقانون استثمار الاندية الذي سينقل الأندية من حالٍ الى حال، وينقذ الدولة من الواقع المالي المزري الذي تعيشه في هذه الفترة، بل وتكسب من خلال إقرار قانون استثمار الأندية أموالاً وتخلصها أيضاً من الضغوطات وتمنح وزارة الشباب والرياضة التفرغ لمراكزها الشبابية ومنتدياتها في مراكز المحافظات والاقضية والنواحي لتنتشل وفقاً للمنهاج التي يفترض أن توضع، الجيل المقبل من الضياع والهلاك!
إن قانون استثمار الأندية يوصلنا الى نتائج مذهلة، أقربها في الأفق التثقيف باتجاهات توعوية رصينة اجتماعية أولاً ورياضية ثانياً وتوصلنا أيضاً الى واقع احترافي مهم بجلب رؤوس أموال مُغيبة ومُبعدة، مثلما تأتي بعائد تسويقي مهم وداعمين ورعاة افتقدتها الرياضة العراقية على مدى تاريخها العريق!
وإذا كان الحديث عن ما سيحدث في الأندية من ثورة هائلة بفضل قانون الاستثمار الذي نطالب به، فأن الأهم هو أن أندية عديدة سَتُدمج مع بعضها وتتحد أخرى تحت مسميات جديدة ونؤسس لأندية تخصصية، وبالتالي يكون الرابح الأكبر هو مالك النادي الجديد أو صاحب المال بالأسهم المطروحة والتي يقوم بشراءها!
لقد آن الاوان في انقاذ الاندية من الهلاك والدمار الذي تعيشه، فالأزمات ولدت ارهاصات ومشاكل لا نهاية لها، لأن مجالس إدارات الأندية غير قادرة على توفير ابسط احتياجات الفرق الرياضية، فألغيت فعاليات وأهملت ألعاب، وغُيب أبطال وأبعد العديد من المواهب، وكل ذلك بفضل العقليات التي تحكمت بالعمل واعتماد الأندية على تخصيصات مالية لا تُسمن ولا تُغني من جوع، ووفقاً لتصنيفات ومستويات تتدخل فيها المجاملات والعلاقات!
دعوة للحكومة ممثلة بوزير الشباب والرياضة ومجلس النواب ممثلاً بلجنة الشباب والرياضة الى السعي باتجاه تحقيق المطلوب في استثمار الأندية بقانون يقضي على كل السلبيات ويقصي الوجوه التي تمادت واستغلت الرياضة كواجهة لتحقيق مآربها وغاياتها بعيداً عن البحث في تسجيل الإنجاز وبقيت تمد أذرعها باتجاه المنح المالية، بعيداً عن بناء الإنسان الحقيقي في المجتمع وصقل مواهب الرياضيين وصولاً لتسجيل النجاحات.