ثائر صالح
ستحل الذكرى الخمسين بعد المئتين لمولد بيتهوفن بعد أيام، وسط القليل من الاحتفالات العامة بسبب الاغلاق وإلغاء التجمعات، وهو أمر دفع في اتجاه ابتكار اشكال جديدة من النشر عبر الانترنت ووسائط التواصل منذ بداية أزمة الكورونا.
وكانت مدينة بون محل ولادة بيتهوفن قد تهيأت مبكراً للاحتفال بالذكرى اليوبيلية، في الأول من تموز 2016 تحديداً بتأسيس جمعية يوبيلية بيتهوفن التابعة لمؤسسة بيت بيتهوفن في بون بالاشتراك مع الحكومة الألمانية الاتحادية وحكومة شمال الراين-فستفاليا المحلية ومنطقة راين-زيغ ومدينة بون، وشعارها أو رمزها هو بتهفن2020 (BTHVN2020). أخذت المؤسسة على عاتقها دعم كل المبادرات المتعلقة بهذه الذكرى للتعريف بموسيقى بيتهوفن وتقوية ودعم المشاريع التجديدية وتقوية صورة مدينة بون بصفتها مدينة بيتهوفن، والمؤسسة انفتحت على كل ما يسلط الضوء على موسيقى بيتهوفن من الأداء التاريخي لأعماله حتى المؤتمرات العلمية وتقديم النشاطات الثقافية المعاصرة، ووصل عدد النشاطات المسجلة نحو 300 نشاط. لكن الكثير منها تأجل دون تحديد موعد جديد، لذلك مددت المؤسسة مدة الدعم والاحتفال حتى الأول من أيلول 2021 تماشياً مع متطلبات التعامل الصعب مع الأزمة الصحية الحالية، ونقلت الجزء الأكبر من ميزانيتها الى العام المقبل أملاً في تحسن الظروف.
لا يقتصر الاحتفال بهذه المناسبة المتميزة على بون، بل تحتفل فيينا المدينة التي قضى فيها بيتهوفن معظم حياته وفيها وصل قمة المجد. وتمتد الاحتفالات الى كل المدن الألمانية والنمساوية، وكل الفرق الموسيقية في العالم أجمع مما يصعب تعداده وتفصيل مختلف أنواع النشاط المتعلق ببيتهوفن.
ولد بيتهوفن في بون ولا يعرف تأريخ ميلاده بدقة، لكن جرى تعميده في 17 كانون الأول 1770 حسب سجلات الكنيسة وكان التعميد يتم في اليوم التالي للولادة عادة. جاء جده (واسمه لودفيغ فان بيتهوفن) من دوقية برابانت في فلاندريا (الأراضي الواطئة، في بلجيكا اليوم) الى بون في شبابه واستقر هناك، وكان موسيقياً مغنياً في بلاط أسقف وحاكم كولونيا. كان لديه ابن واحد مغنيا في نفس البلاط وكان يعطي دروساً في الكمان والهاربسيكورد، وكان أول أستاذ علم الموسيقى لابنه لودفيغ الذي بانت موهبته الموسيقية مبكراً. لكن هذه الموهبة حولت طفولته الى جحيم، فكان أبوه المتسلط القاسي يثقل عليه في التعليم الموسيقي علّه يحصل السمعة التي حصل عليها ليوبولد موتسارت أبو موتسارت الطفل الاعجوبة وقتها.
بدأ تأليف الموسيقى في سن مبكرة، من أعماله الأولى سوناتات بيانو أهداها للأمير ماكسيميليان فريدريش (عمل رقم 47) حاكم بون التي الفها سنة 1783. عينه خليفته ماكسيميليان فرانتس عازف أورغن في بلاطه وهو يافع، وقتها تعرف على عدد من النبلاء منهم أرملة فون برويننغ، حيث علّم أطفالها العزف على البيانو، وعلى أصدقاء العائلة منهم الكونت فالدشتاين الذي أهداه سوناتا فالدشتاين الشهيرة. التقى بيتهوفن هايدن في بون شتاء 1790 وهو في طريقه الى إنكلترا، وفي طريق عودته كذلك صيف 1792. انتقل بيتهوفن الى فيينا شتاء 1792، وفيها تحول الى أحد أوائل عازفي البيانو الماهرين في التاريخ، ثم أصبح أعظم مؤلف موسيقي وأحد أكثرهم تأثيراً في كل العصور.