TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ساعة السودة

العمود الثامن: ساعة السودة

نشر في: 12 ديسمبر, 2020: 09:34 م

 علي حسين

يقولون لك لامكان للاحتجاج في هذه البلاد، ما لم تحصل على رخصة من أولياء أمور الشعب، ويقولون لك إن المشكلة ليست في الفقر وغياب العدالة الاجتماعية وضياع حقوق المواطن ، إن المشكلة مع شباب يصرون على الإصلاح.. إنها المؤامرة،

هكذا أخبرنا بيان اللجنة الأمنية في السليمانية الذي حذر وتوعد كل من تسول له نفسه التظاهر، فالديمقراطية العراقية تسمح لك بأن تتفرج وتموت غيضاً، وأن تجلس في المقاهي وتسخر من السياسيين، لكن إياك أن تحول هذه السخرية إالى فعل وتخرج حاملاً صوتك للمطالبة بمستقبل يليق بأبناء هذا البلد.

في كل عمليات إطلاق الرصاص ضد المتظاهرين، لن تجد فرقاً كبيراً بين قوات الأمن في الناصرية، وقوات الأمن في السليمانية، فالكل قادم من عالم الرصاص والصوت الواحد، والكل يكره شباب ساحات الاحتجاج، والكل يصر على أن التظاهرات إساءة للتجربة الديمقراطية في بلاد الرافدين .

حكاية تظاهرات الناصرية تكررت بتفاصيلها في السليمانية، فالرصاص واحد، والظلم أيضًا واحد، والحكاية واحدة تقول لنا باختصار إن البقاء للأقوى.

أرجو من جنابك عزيزي القارئ أن تلاحظ أنّ مجلس النواب لايزال يمارس الصمت ، ولا يزال البعض يعتقد بل ويؤمن أن تظاهرات تشرين، مؤامرة إمبريالية للمساس بتقاليد وقيم المجتمع العراقي، هذه القيم التي تسمح لنائب أن يطلق الرصاص في أي مكان يريد، ففي مشهد لا يتكرر إلا في أفلام " الكاوبوي " اندلعت معركة بالسلاح بين النائب طلال الزوبعي ، والنائب كريم أبو سودة، وكانت نتيجة المعركة "ساعة سودة " عاشتها الناس بعد ان اضاف نوابنا الاشاوس عدد من المواطنين "المشاغبين" إلى قائمة جرحى المهزلة العراقية .

ولهذا وبرغم المصائب التي تنتظر هذا الشعب المسكين لو قرر أن يواصل احتجاجاته، أو أن الفضائيات لن تستضيف "دلّال المناصب" أحمد الجبوري، فإننا فزنا بمتعة التأمّل في وجه طلال الزوبعي وهو يخوض معركته من أجل الفوز بتبليط شارع.

ربما سيقول قارئ عزيز، ألم تقل الجماهير كلمتها عبر صناديق الانتخابات، ولم تكتف بذلك بل إنها منحت طلال الزوبعي وزميله أبو سودة الأصوات؟، لكن ياسادة هناك حقيقة صادمة لا نريد أن نعترف بها، إن هؤلاء النواب لا أحد من العراقيين سوى أقاربهم يتابع طلّاتهم التلفزيونية، والغريب أن هؤلاء النواب من (الصوبين) السنّي والشيعي، لا يكتفون بأن يكونّوا الأكثر حصداً للسخرية، لكنهم يصرونّ على أنهم أصحاب مشروع التغيير!.

معروف لدينا، منذ سنوات أننا نُجبر كلّ يوم على مشاهدة فيديو كوميدي لأحد العاملين في حقل السياسة، ومنذ خمسة عشر عاماً والنواب يقصفون الناس بحكايات الإصلاح المليئة بالدجل والشعوذة، لكنهم هذه المرة قرروا ان يقذفوننا بالرصاص .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram