رعد العراقي
وأخيراً تحطّم طوق النحس الذي لازم الكتيبة الزرقاء ومدربهم الخلوق أيوب أوديشو حين اصطادوا نفط الوسط بهدف وحيد وثلاث نقاط ثمينة بعد سلسلة من النتائج السلبية التي أثارت حفيظة جماهيره، وبثّت القلق في نفوس الهيئة الإدارية التي كانت تراهن على فريق يضم خيرة اللاعبين وكادر تدريبي يمتلك من الفكر التكتيكي والخبرة الفنية ما يؤهّله لأن يمضي بمشوار الدوري بثقة وثبات نحو منصّات المنافسة على اللقب.
أوديشو الإنسان والمدرّب يمثل نموذجاً لجيل ذهبي خبر أصول المهنة بكل أسرارها بعد أن حظي بفرصة التعايش مع عمالقة التدريب كالمرحوم عمو بابا وأكرم أحمد سلمان وأنور جسام ليحفظ عنهم دروس وفنون التدريب بشقيه الفني والأخلاقي ليشكل مع زملائه عدنان حمد ويحيى علوان وباسم قاسم وغيرهم النخبة الحقيقية التي ما زالت تقدّم العطاء بسخاء وحرص بعيداً عن أي حسابات شخصية أو نفعية وفعلاً تشعر بأن عملهم نابع من صميم القلب وإن أصابه الاجهاد والوهن من أجل أن يفرح قلوب الجماهير!
تلك الثروة الوطنية تعرضت خلال الأدوار السابقة الى هجمة إعلامية وحملة تسقيط غير مسبوقة طالبت برحيله عن النادي وراهنت على استمرار تراجع النتائج في المضي بإثارة الجماهير وتحفيز الهيئة الإدارية على توقيع خطاب إقالته في وقت تناست تلك الأصوات تاريخ اوديشو وقيمته الفنية وغضت البصر عن حقائق وظروف تتعلق بلعبة كرة القدم هي من تتحكم في النتائج ويمكن ان تطيح باي فريق حتى وان كان يمتلك افضل العناصر.. وهذا ما حصل في أغلب المباريات التي تعثر بها الجوية الذي لم يكن سيئاً ولا متراجعاً لكنه افتقد الى ميزة الحظ وربما هربت منه أيضاً بعض التفاصيل الفنية التي وضعته في موقف عصيب أصاب كبرياءه وهز ثقة لاعبيه وسلب منهم الاستقرار النفسي الذي كانوا يتسلحون به دائماً.
صقور أيوب في لقائهم الأخير أمام المتصدر نفط الوسط بقيادة الخبير جمال علي اثبتوا علو كعبهم وانتصروا لذاتهم ولمدربهم واجهضوا أحلام المتربصين لهز عرش القيادة الفنية ليخرجوا من أجواء الضغط النفسي ويعيدوا التوازن والحسابات في إمكانية العودة في المنافسة على الصدارة وهي خطوة تحسب لهم وتؤكد على ذكاء المدرب في استيعاب أجواء التوتر بهدوء دون انفعال أو الدخول في سجالات كلامية وخطابات إعلامية وتجسيد الرد فوق أرض الميدان وتلك أيضاً إحدى ميزات أوديشو كإنسان قبل أن يكون مدرب.
من المهم استثمار الحالة المعنوية خلال المرحلة القادمة في تهذيب الأداء الفني والتركيز على تحفيز اللاعبين لإطلاق خزينهم المهاري وصولاً لحالة الاستقرار وهي مهمة بالتأكيد يدركها الكادر التدريبي وسيعمل على الارتقاء أكثر بالجوانب التكتيكية بما يتناسب وظروف كل مباراة لتجنب أي انتكاسة أخرى قد تسبب في ردود أفعال عكسية يكون فيها الملاك التدريبي هو كبش الفداء كالعادة وليس غيره.
إن الهيئة الإدارية للقوة الجوية متمثلة برئيسها قائد القوة الجوية ونائبه سمير كاظم وباقي الأعضاء لديهم الخبرة القيادية وثقافة التعامل مع كل الأزمات مما يستوجب عليهم غلق كل منافذ التأثير والذهاب نحو خيارات تخدم استقرار النادي وتنزيه أي قرارات قد تصدر مستقبلاً من صفة التسرع وردة الفعل والاتجاه نحو المصارحة والمكاشفة مع الكادر التدريبي لمعالجة الثغرات والأسباب التي يمكن أن تؤثر على الأداء وبشكل مستمر دون انتظار انتهاء المرحلة الأولى حتى يكون الوقت متاحاً لتصحيح الأوضاع او استقطاب أسماء جديدة لتعزيز خطوط الفريق .
باختصار.. حين نوجه حديثنا عن الصقور فإننا لا نلغي أهمية الأندية الأخرى التي ننظر إليها بعين واحدة لا تعرف التفرقة، لكن الحقيقة هي إننا امام مثلث جماهيري يتمثل بأندية الزوراء والشرطة والقوة الجوية بحكم تصديهم لتمثيل البلد في الاستحقاقات الخارجية المقبلة وما تطرّقنا إليه من معطيات وهواجس في ملف الصقور يسري أيضاً على النوارس والقيثارة.. فالمهمّة الوطنية لهم دفعتنا نحو التخصيص بالاسم كنوع من الدعم لضمان ظهورهم المشرف خارجياً والدفاع عن سمعة الكرة العراقية، تلك أيضاً دعوة لكل الأقلام الصحفية والقنوات الرياضية بأن انديتنا تحتاج لتوجيه النقد نحو الإصلاح والتصحيح وليس نحو الانتقاص والتسقيط !