علي حسين
الانتصارالأهم للشعوب السعيدة، لم يكن للصواريخ التي تطلق في الليل، ويتم استنكارها في النهار، ولا لشعارات "ما ننطيها"، بل للغة التسامح وللتنمية والإعمار والعمل والصدق، قاد العجوز كونراد أديناور بلاده وهو في سن الثالثة والسبعين واستطاع خلال سنوات قليلة أن يجعل من ألمانيا المهزومة، واحدة من أقوى اقتصاديات العالم..
وأيضا من البلدان التي تعرف معنى الإنسانية . ضحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بمستقبلها السياسي بعد أن جعلت من ألمانيا القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا، من أجل أن تقف مع المهجّرين من المسلمين الذين طردتهم بلدانهم "المؤمنة" وتحتضنهم وتوفر لهم الأمان والعيش الكريم .
بالأمس ضربت ألمانيا مثلا بالرحمة حين قام فريق من عناصر الشرطة والإنقاذ بإيقاف حركة أكثر من 20 قطاراً لإنقاذ بجعة استقرت على خطوط السكك الحديدية. ربما يسخر مني البعض ويقول يارجل تتحدث عن إنقاذ بجعة، ونحن قدمنا 700 شهيد قربانا من أجل أن يظهر عادل عبد المهدي من جديد على شاشة التلفزيون يتحدث عن المؤامرة الكونية التي حيكت ضده ، وعن المنجزات التي تحققت في عهده .
الألمان الذين ساروا ذات يوم خلف عسكري مجنون اسمه "أدولف هتلر"، هم أنفسهم الذين ساروا خلف فيلي برانت الذي اعترف بأنه عاش في ملجأ ولا يعرف من هو والده، لكنه استطاع أن يمحو آثار الماضي والكراهية بين أبناء ألمانيا، ويرفع شعار "المستقبل أولاً" . هل أنا بطران أتحدث عن تجارب الشعوب التي لا علاقة لها بتجربتنا الديمقراطية ؟. نحن قدّمنا النموذج الأمثل. وقفنا وقفة رجل واحد من أجل هيبة الزعماء، الذين لا يزالون يستنكفون من أداء اليمين كنواب، ويجدون الجلوس تحت قبة البرلمان إساءة لمنجزهم الوطني.
بالأمس أيضا ضحك العراقيون، بعد أن كان العالم يضحك على ما يجري في بلاد الرافدين، ضحكوا على بلد يخرج فيه نائب منتخب ليطالب وبصفته الرسمية بعرض موظفين كبار في وزارة التربية على أخصائي أمراض نفسية وعقلية، وفات السيد النائب أننا وبسبب برلمانه الموقر نعيش أتعس عصور الجنون، بعد أن فقدنا الأمل في الإصلاح الذي كان صرحاً من خيال فهوى، مع الاعتذار للراحلة أم كلثوم، فلا يليق بها أن أضعها إلى جانب نواب يستنكفون من الغناء ،لأنه رجس من عمل الشيطان ، فيما سرقة المال العام رزق حلال.
ليسمح لي النائب العزيز الذي أراه حريصاً ومتحمساً من أجل البناء العقلي للمواطن العراقي ، فإذا كان يفتش عن الحقيقة في ما جرى من خراب لهذه البلاد ، أن نذهب نحن الشعب والسادة أعضاء مجلس النواب إلى الأخصائيين النفسيين لنعرف من الذي يحتاج إلى أن يعرض على اخصائي امراض نفسية .