طالب عبد العزيز
كثيراً ما ينقسم العراقيون الى فريقين، واحد مع وآخر ضد، وفي أبسط القضايا، لكن، يبدو لي أننا نختلف في التفاصيل لا أكثر، ففي مراحل بناء الجسر الايطالي بالبصرة، اطلقوا عليه جسر محمد باقر الصدر، وفي يوم افتتاحه هرب المحافظ السابق ماجد النصراوي،
بعد إتهامه بقضايا فساد سمي بجسر الفلتة، في إشارة الى هروبه الى إيران منه، لكنَّ الجسر الجميل، والذي امسى ليلة رأس السنة المكان الأجمل في احتفال الناس، لم يعد جسراً يحمل اسماً لأي أحد، فهو الجسر الايطالي حسب، وهو العلامة الدالة بعد تمثال الشاعر السياب على المدينة.
على أطراف مدينة القبلة بالبصرة أيضاً، هناك حيّ سكني، كان الاسوأ بين أحياء المدينة، فلا شوارع ولا شبكة مياه ولا صرف صحي ولا خدمات، ولا هم يحزنون، اسمه (حي القائد) فقد بني في أحد عهود صدام حسين، ولم تنقذ التسمية الفخمة تلك مما يعاني منه سكانه، إنما ظل مهملاً، خرباً حتى سقوط النظام، وظل على الحال تلك الى أن قامت إحدى الشركات المحلية بتبليط شوارعه، ومد خطوط الكهرباء النظامية وشبكة الماء والصرف الصحي، ولا نعلم ما إذا غيروا اسمه أم لا؟ لكننا، في الأخير نبتهج مع سكانه الذين أصبحوا بحال أفضل، وتنعموا بالخدمة التي طالت حيهم، سواء أظلت تسميته بحي القائد السابق أم بقائد جديد أم خضعت البلدية لحزب قوي فسمته بالاسم الذي اختارته له.
ويتحدث سكان شرق البصرة، التنومة وكردلان والجزيرة والكباسي عن شارع جميل جداً، يربط بداية التنومة من الخارج بالضواحي الجديدة التي بنيت بعد العام 2003 إثر تحويل الاراضي الزراعية الشاسعة الى احياء سكنية، شارع بمسارين عريضين وإنارة وجزرة وسطية اطلقت البلدية عليه اسم (شارع المهندس) ويبدو إنها تشير الى قائد الحشد ابي مهدي المهندس. قد نجد في الناس من لا يرى في التسمية هذه حقاً، لكننا، في النتيجة ربحنا شارعاً هاماً، يستخدمه الناس في مباهجهم ويلتقطون الصور قرب أعمدة نوره، أو على أرصفته واشجاره، وهذه بغية المواطن الذي لا تعني التسمية له شيئاً.
في شرقنا المتوسط وللاسف، لم تنقذ أسماء القديسين والابطال والعلماء الرنانة والعظيمة الكثير من المدن، ولم تشفع مآثرهم عند الإدارات العليا بشيء، فظل الكثير منها وبسكانها من الأفذاذ وغيرهم اسارى الإهمال وسوء الخدمات. معيب أن ننشغل بتسمية شوارعنا وجسورنا وضواحينا اكثر من انشغالنا بأهمية ما نقدمه لها من خدمات وعناية. هذا إذا لم نقل باننا نسيئ لاسماء جليلة القدر في تاريخنا وديننا مرتين مرة بالتسمية غير المشفوعة بالأداء الحسن، وأخرى باهمالنا لها،} بعدم صيانتها. يحدثني أحد المحتفلين ليلة رأس النسة على جسر محمد باقر الصدر(الجسر الايطالي) بانه كان يخشى عليه من السقوط، بسبب كثرة المارين عليه بمركباتهم، ذلك لأنَّ أحد المدوّنين صور وكتب عن أضرار لحقت بالجسر بسبب إهمال مديرية الطرق والجسورله، وهناك مطب خطير من جهته الشرقية لا يقل خطورة عن ذلك، تقديس وتكريم الاسماء إنما يتم بالوفاء لها عبر إقران المشيد بأهمية وعظمة الاسم.