كان قد مرّ أكثر من عشر سنوات على انقطاع صلتي به بعد الضربة التي وجّهت للشيوعيين.
لم ألتقه في الشارع حتى بالمصادفة رغم إننا كنا نحن الاثنين نعيش في الكرادة.
جاءني يوماً الى مطبعة الأديب حيث كنت أعمل يحمل ورقة من فئة مائة دولار قائلاً هذه ارسلها من لندن ابو عمار.
لم اتوقف كثيراً عند فكرة كيف وصلت.
كانت حلاً لأزمة مالية مستحكمة.
مرّت السنوات وسقط النظام لألتقي بأبي عمار وأسأله.
قال لي لم تكن هناك وسيلة للاتصال أو إيصال أي مبلغ
من أين جاء الفريد بهذا الكلام؟
ظلت المائة دولار معلقة في فضاء الزمن.
بعد سنوات هنا في عمان سألته عنها
- أبو شروق فد يوم انطيتني 100 دولار هاي منين؟
- حييييل شعندج سوالف هاي شلون تذكرتيها؟
- ما انساها وسعود يقول ما بعث فلوس هاي منين؟
- يابه اعتبريها كانت مساعدة من الحزب.
- ابو شروق الحزب ما يوزع فلوس هذي منين جانت؟
حاصرته بالاسئلة فشرح لي وهو محرج كأنه جاء ليستدين مني.
- آني سمعت دتشتغلين عاملة بالمطبعة وجان عندي شوية فلوس ، إذا اقول هاي من عندي ما راح تقبلين ذبيناها براس سعود. منين أعرف راح يسقط النظام وتلتقون؟
ثم قال وهو يمط الكلام على طريقته
- هسه فادتج لو لا؟
هذا الرجل النبيل كم اختلفت معه واختصمنا واصطلحنا
كنا على طرفي نقيض في مواقف عديدة
لكن القلب الطاهر يبقى طاهراً
طوبى لمن رحل تاركاً خلفه ذكرى طيبة.
سلوى زكو
***
وداعاً أبا شروق، لقد تركت في قلوبنا دمعاً لن يندمل، ووجعاً حارّاً يسحق الروح، يبكيك اتحادك، وتبكيك المنصّات والمحافل والكلمات والحروف، زملاؤك وأبناؤك على خطاك البيض، يستلهمون منك الأمل والنقاء، فدُم خالداً يا راهب الأدب والثقافة والاتحاد، وكن لنا بيتاً في كل مكان وسطر، فقد تربينا على يديك، واستلهمنا منك العبر، فمن وحي كتاباتك ابتدأت الأفكار، وأنت تطرز الحياة بقصائدك التي ناغت المستقبل، وواكبت الحاضر، وظلت مع هموم الناس والمجتمع، لست شاعراً فحسب، فانت المناضل الذي شرب الموقف واتخذ الكتابة طريقاً لخدمة شعبه، مع كل كلمة أدبية لك كنا نستلهم الثورة والأمل، أيها الإنسان والصفاء، والذاكرة والتاريخ.
عمر السراي
***
الرحمة للشاعر المناضل الفريد سمعان، كان رمزاً وقدوة وكائناً أفنى عمره بحب وطنه وحزبه والثقافة،وناضل في ميادين مختلفة من أجل حق المثقفين في العيش والكرامة، وضرب نموذجاً للإنسان المكافح الذي لا يساوم ولا يدعي بغير ما يملك من معرفة، آثر الآخرين على نفسه في مواقف كثيرة وقدمهم كي يفسح المجال لهم بالعمل والظهور،ولشدة حرصه كنا نختلف معه وأحياناً نتقاطع، إلا أنه أثبت وعبر تجربة طويلة مع النضال السياسي والاجتماعي أن مواقفه هي الأصح والأكثر نفعاً، رحمك الله أخي أبا شروق فقد كنت معلماً وكائنا شيوعياً بامتياز. ومتفانياً في إعادة اتحاد الأدباء للحضور الاجتماعي والمؤسساتي. لقد عشت معه في مراحل مختلفة تنظيماً ورفقة عمل في صحافة الحزب ومشاركة ثقافية في منتديات ومهرجانات، وكان دائماً يأخذ بأيدينا ويصوّب مواقفنا ولايعمل لنفسه غير ما يعمله لرفاقه ولاصدقائه وللأدباء. تاريخ طويل مشرف بمواقف نضالية وسياسية وثقافية، الرحمة لروحك والصبر لذويه و للأدباء الذين يعملون الآن في صرح اتحادهم الذي ناضلت لعودته والمحافظة على ممتلكاته والمدافع عن وجوده وحقوقه. كنت محامياً وشاعراً وأديباً وأباً لأجيال من مثقفي العراق. الصبر لنا نحن ابناؤك
ياسين النصير