عمـار سـاطع
لا احد يمكنه أن يؤكد أو ينفي أن ما يحدث لِمُدربينا في فرق الأندية، يكاد أن يكون محرقة حقيقية لهم باتجاه تسقيطهم الواحد تلو الآخر، مثلما لا يمكن لأي من القائمين على أنديتنا من أولئك الذين يدعون إنهم يصرفون الأموال لتحقيق النجاحات وخطف الأضواء، يأتي لمصلحة كرة القدم العراقية في نهاية الأمر !
جميع الذين يمسكون بزمام الأمور المالية في أنديتنا، أو يتحكّمون بمقدرات تحديد العقود والرواتب المعنية بالأجهزة الفنية، لا يفقهون شيئاً بعلم التدريب، بل إنهم بعيدون كل البُعد عن هذه المواقع المهمة جداً والمفصلية في الفريق، حتى أن (صاحب المال) لا يدرك قضايا العمل الفني، كونه متروك لأهل الشأن حاله من حال بقية مفاصل العمل الرياضي.
للأسف هناك من العاملين في أنديتنا من رؤساء وأعضاء مؤثرين، أساءوا للمدربين بتدخلاتهم واستخدامهم لأساليب لا تمت بصلة للاحترافية، بل إن هناك من تعمّد التدخل بغرض التغيير، سواء كان إيجابياً أم سلبياً في اتخاذ القرار بإبقاء المدرب وكادره المساعد أو بالاستغناء عنه أو إجباره على تقديم الاستقالة من موقعه.
أجل.. التدخّلات وصلت الى حالة يرثى لها، وهناك من المدربين من احترم نفسه وأبقى الظاهرة غير الصحيحة تتفاقم أكثر فأكثر لأنه يحترم عمله ويتعامل بمهنية ويرفض الرضوخ لمن هبّ ودب، مثلما لا يقبل من له تأريخ عميق مع كرة القدم أن يأتي من يحسب نفسه رياضياً، وهو مجرد شخص داعم أو يملك مالاً يعمل لمصالحه الشخصية وأغراضاً بعيدة المدى أو يبحث عن الجاه، ولا يعترف بلغة الرياضة الصحيحة، بل يريد الفوز بأي ثمن كان !
ما يحصل للمدربين العراقيين في أنديتنا تحديداً، يفترض أن يصل الى الفاصلة الأخيرة، وأن تنتهي مهزلة ربما تؤثر بشكل على سمعة المدربين، فما يحدث هو حرب لقتل الإمكانيات المحلية ومحاربة المواهب التدريبية الهدف منها الإطاحة بالأسماء المعروفة أو عزلها عن الساحة الفنية من أجل ضرب معاقل المدارس الكروية الفنية واستهدافهم بأسلوب ممنهج ومخطط له، وإلا كيف يمكننا أن نُفسر الأمر على أنه ظاهرة تحدث في كل موسم !
تخيّلوا أن 12 نادياً من أصل 20 تشارك فرقها بالدوري الكروي الممتاز غيرت إدارتها من أجهزتها الفنية، وهناك من غير لمرتين وربما ثلاثة.. واقعٌ كهذا يُجبرنا على أن نقتنع بما يحصل، وإلا لماذا يكون المدرب الاجنبي بعيداً عن ظاهرة التغيير التدريبية، ومن يتصدّى للقضية هو المدرب المحلي فقط، لأنه لا يوجد من يدعمه أو يسانده ويقف معه، لا بالقانون ولا حتى بالأعراف التي يمكن أن تكون فيصلاً في نيل حقوقه على أقلّ التقديرات!
في اعتقادي الشخصي، اعتبر المدرب العراقي، صاحب حق فيما يواجهه من ارهاصات ومشاكل ومعاناة او تقاطعات من إدارات الاندية، لأن هناك من يفتعل الأزمات مع مدربينا ويصبح الحلقة الأضعف في عملية التغيير والاستبدال ويتم تغييره بجرّة قلم أو تصريح أو منشور بمواقع التواصل، كل ذلك لأن مدربنا الوطني، وطني، والأجنبي هو من يكون صاحب القدح المُعلى، وتغيير المدرب العراقي في وطنه لا يحتاج الى مؤثرات أو تأثيرات من قبل ترسانة الجيوش الالكترونية أو مافيا مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه سيكون خارج عمله في لحظات !
إن مدربينا اليوم يواجهون معضلة حقيقية، كونهم ليس لديهم الجهة التي تأخذ حقهم كأن تكون نقابة أو رابطة أو مؤسسة أو حتى جمعية تكون مدافعة عن حق المدربين وتأخذ حقوقهم المسروقة أو المنهوبة والمُغيبة أيضاً، فلا مدرب محلي نال حق الشرط الجزائي في المحاكم أو دور القضاء، كونهم لا يفقهون بتنظيم العقود أولاً أو أن هناك ما هو أشبه بـالمؤثرين على تنظيم العقود من وسطاء أو سماسرة هدفهم نيل حصصهم أو نسبهم المالية من الطرفين، وهو ما يدفعنا للمطالبة بضرورة تأسيس جهة معنية تكون مدافعة على حقوق مدربينا بغرض الاحتراف وليس البقاء كهواة ندفع بالأجنبي ليكون في الواجهة أو الرضوخ لما تقرّه إدارات الأندية في تنظيم العقود والتي يفترض أن تكون فيها حقوق وواجبات وتُطبق بنودها بما وقع من أجله كلا الطرفين !