اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: كيف تصنع حزبا في سبعة أيام ؟

العمود الثامن: كيف تصنع حزبا في سبعة أيام ؟

نشر في: 13 يناير, 2021: 09:25 م

 علي حسين

حيثما أجد موضوعاً عن رئيس الأوروغواي السابقخوسيه موخيكا أقرأه. صحيح إننا لن نحظى في يوم من الأيام بمثل هؤلاء الرؤساء، لاننا لا نتخيل ان نعيش مع مسؤول كبير "الحجم والوزن" لا يمتلك أسطول سيارات وإنما سيارة عتيقة، ويعيش في منزل صغير في الريف ويتبرع بمعظم راتبه للأعمال الخيرية، يعلق على لقب أفقر رئيس قائلاً:

"لست أفقر الرؤساء، الأفقر هو من يحتاج إلى الكثير ليبقى على قيد الحياة ، كان باستطاعة موخيكا أن يعيش في القصر الرئاسي، لكنه آثر الإقامة في بيته القديم . ويقول: "نحن نرى في ذلك طريقة للقتال في سبيل حريتنا الشخصية. فمجرد أنك أصبحت رئيساً لا يلغي كونك إنساناً عادياً". 

قبل اسابيع قرر موخيكا ان يعتزل الحياة السياسية ، ويترك كرسيه في البرلمان ، مؤكدا ان هناك من هو افضل منه لخدمة البلاد ، لكن رغم الاستقالة لا يزال موخيكا يسيطر على المشهد السياسي والاجتماعي لبلاده ويقدم نموذجا للمسؤول المتصالح مع نفسه . 

منذ اليوم الاول لجلوسه على كرسي لتسلمه السلطة ، لم يصدر قوانين لاجتثاث معارضيه ، بل سعى الى اشاعة فكرة التسامح بين جميع ابناء الوطن ، وقرر ان يغلق باب الاحقاد: "لقد عانيت لكن لا يمكنك أن تتمسّك بالحقد والكره. ما كنت لأصبح الشخص الذي أنا عليه اليوم لو لم أتجاوز ما اختبرته خلال تلك السنوات" .

كلما كتبت عن تجارب الأمم وقصص الشعوب، أجد في اليوم التالي من يعاتبني، لأنني أترك هموم هذه البلاد، وأنباء التي تبشرنا بان اكثر من 400 حزب سياسي قدمت طلبات تسجيل الى المفوضية والبقية في الطريق ، والمضحك ان هذا الرقم يفوق عدد اعضاء مجلس النواب . ولأن ما يجري في هذه البلاد العجيبة ليس من اختراعي، وتقلبات الساسة وأهواؤهم خارج همومي، ومع ذلك فأن البعض يعتبر ما يجري حولنا مجرد وجهات نظر لا تعني هذا الشعب المطلوب منه دوما أن يهتف بحياة القادة الملهمين، سوف أترك الكلام لموخيكا يقول : "إن المسؤول موظف يتم اختياره لملء منصب معين، ليس ملكاً ولا هو إله ولا هو ساحر القبيلة.. إنه موظف حكومي وأعتقد أن أفضل طريقة للعيش هي أن يعيش المرء مثل أكثرية أبناء الشعب الذين نحاول أن نخدمهم ونمثلهم".

كلما تجوّلنا في تجارب الأمم نتذكر أننا حلمنا يوماً برئيس يحمل صفة إنسان عادي.. مسؤول يفضل القانون على الفساد، ويختار التواضع على المكابرة الفارغة. ويقرر أن يكون حاضر ومستقبل بلاده ملكاً للجميع لا لطائفة واحدة ، والوطن أمانة لا يمكن رهنه أو إيجاره لدول الجوار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

 علي حسين درس العلامة جواد علي أخبار وأحداث ابن الأثير وحفظها واطّلع على معظم ما كتب عنها وكل ذلك في إعجاب شديد وحب صادق، وكان جواد علي ابن الكاظمية يعرف أن الموصلي "...
علي حسين

بيانات جديدة عن حالة الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: ثلاثة بلدان في المنطقة تعاني من المجاعة بينها العراق

د. فالح الحمـراني أظهرت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة معدلات عالية بارتفاع نسب المجاعة وسوء التغذية، فضلا عن أعراض مثيرة للقلق للغاية تتعلق بزيادة نسبة السكان الذين يعانون من السمنة. ويرجع هذا الاتجاه...
د. فالح الحمراني

نظرة في الميدان السياسي العراقي.. إلى أين يفضي؟

عصام الياسري أسفرت انتخابات مجالس المحافظات العراقية في ديسمبر كانون الأول 2023، عن مكاسب كبيرة للأحزاب الطائفية الماسكة منذ العام 2003 بالسلطة. وبضعة انتصارات طفيفة فقط للقوائم المناهضة للمؤسسة ولم تفز الأحزاب السياسية المعارضة...
عصام الياسري

التعديل والأهلية.. جدل الفقه الجعفري مع قانون الأحوال الشخصية في العراق

علي المدن مرة أخرى تفشل مساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق بعد أن سبقتها محاولة أولى عام 2017 تقدم بها النائب حامد الخضري. وكما أعلنت تحفظي في المرة الأولى، وكتبت مقالين نشرتها في...
علي المدن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram