TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: التغيير لا ينتشر بحد العبوات

العمود الثامن: التغيير لا ينتشر بحد العبوات

نشر في: 18 يناير, 2021: 09:17 م

 علي حسين

بعد أسابيع سيظهر ساستنا على شاشات الفضائيات يتحدثون عن اللحظة العظيمة التي حصل فيها التغيير، وعن المكاسب التي تحققت للشعب من خلال الدستور "الديمقراطي" ومجلس النواب "التعاوني".

بعد 18 عاماً يبدو أن التغيير الحقيقي صار حلماً ومجرد ذكرى، واكتشف المواطن "المغلوب على أمره" أن ما جرى خلال السنوات الثمانية عشر الماضية ليس مقطوع الصلة بما جرى أيام حقبة "القائد الضرورة"، لعل ما جرى ويجري في العراق خلال السنوات الماضية كان تجربة عملية على حرق كل أثر للتغيير، وقد كان مشهد الصراع الطائفي على المناصب والمغانم بالغ الدلالة والإيجاز، وإذا كان العراقيون البسطاء قد توسموا خيراً بعد سقوط تمثال "صدام" فقد خاب ظنهم حين اكتشفوا أن بينهم اليوم أكثر من صدام، المشهد العراقي بعد 18 عاماً يظل حافلاً بالعديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام الحائرة، ولعل أبرزها هي: ما معنى تضحيات العراقيين في الخلاص من دكتاتورية صدام ليجدوا أنفسهم وجهاً لوجه أمام دكتاتوريات القتل المجاني وكواتم الصوت والترهيب والتخوين والعبوات التي تُزرع تحت سمع وبصر شرطتنا "الباسلة"؟ لم يكن العراقيون يتصورون أن تضحياتهم في سبيل الخلاص من دكتاتورية "القائد المؤمن ووصاياه" يمكن أن تفرّخ دكتاتوريات جديدة، وأن مسؤولين جاءوا على ظهور دبابات الديمقراطية يصابون اليوم بحالة من الدروشة كلما سمعوا كلمة دولة مدنية، وكلما أرادت الناس أن تفرح .

اليوم يريد ساستنا أن ينشغل المواطن بالعبوات التي تنفجر بالقرب من محلات بيع المشروبات بحجة أنها مخالفة للدين، من دون التطرّق، من قريب أو بعيد، إلى حكم الدين في السارق والمزور والانتهازي، يرفضون استدعاء الدين ليقول كلمته فى عصابات الاحتكار السياسي والاقتصادي .

يظفون الدين عنوةً لتبرير زرع العبوات وقتل من يختلف معهم وتغييب الشباب، فيما استبعدوا مفهوم الدين الحقيقي الذي يجعل من السرقة وقتل النفس البريئة وتخريب المجتمع من الكبائر.

إن ما يجرى من استباحة لدماء الناس واسترخاص حياتهم وامتهان كرامتهم ، ليس له تعريف سوى أنه محاولة لفرض الامر الواقع ، والاعلان ان الاحزاب الحاكمة لن تغادر المشهد . 

الناس كانوا يأملون أن يجدوا ساسة منشغلين بالبحث عن الرفاهية والعدالة الاجتماعية، فإذا نحن أمام ساسة مهووسين بالبحث عن شرعية دينية تبيح لهم نهب البلاد واضطهاد العباد.

سيقولون لنا إن نظام صدام هو سبب كل المآسي، وينسون أن الأميركان أسقطوا تمثال صدام منذ ثمانية عشر عاماً، على أمل أن يعيش العراقيون في ظل نظام جديد يؤمن لهم الاستقرار والرفاهية والعدالة الاجتماعية .

ان القضية الاساسية التي تشغل الناس اليوم ، ليست محلات الشرب او النوادي ، وانما: هل فتح قادتنا الملهمون طريقاً واحداً يتلمس منه الناس أن أهدافهم من التغيير قد تحققت؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram