TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: مؤسسة للسينما

كلاكيت: مؤسسة للسينما

نشر في: 20 يناير, 2021: 10:53 م

 علاء المفرجي

منذ أكثر من أربعة عقود ودائرة السينما والمسرح وبمختلف مسمياتها (مصلحة،مديرية،مؤسسة) هي الجهة الراعية للنشاط المسرحي والسينمائي في العراق، وكان من الطبيعي أن تتحكم توجهات هذه المؤسسة الراعية بطبيعة النتاج المسرحي والسينمائي،الذي كان يخضع دائماً للاشتراطات والضوابط التي تضعها المؤسسة، وإنْ لم يمنع ذلك الحديث عن نتاجات في هذين الحقلين الإبداعيين استطاعت أن تؤكد وعبر هذه المدة الزمنية حضوراً متميزاً في المشهد الثقافي إضافة الى أنها شكلت إرثاً فنياً يعتد به.

قسوة وصرامة الضوابط التي عملت بها هذه الدائرة خلال العقدين الأخيرين في هذين المجالين الإبداعيين؛ جعلت منها سيف ديمقلس المسلط على أي منجز سينمائي أومسرحي يحاول أن يتمرد على سائر نتاج هذه المؤسسة المحكوم بالترويج والدعاية والتزويق للاستبداد والفكر الواحد، فتحولت أقسامها المختلفة الى أدوات مهمتها الحفاظ على ماسمي بـ(السلامة الفكرية) وهي الواجهة التي كانت بمثابة السوط الذي يلوّح به القائمون على نشاط هذه المؤسسة بوجه أي عمل إبداعي يسعى للإفلات من صرامة الرقابة وتابوهاتها .ولم يكن غريباً إذن أنْ ضمت لجان فحص وإجازة النصوص المسرحية والسينمائية في عضويتها ممثلين عن الأجهزة الأمنية والمخابراتية في ذلك الوقت. 

وكان من نتيجة ذلك تردي قيمة الكثير من الأعمال المنتجة في تلك الفترة بما اتسمت به من سطحية ودعائية فجة، فضلاً عن بروز الكثير من الظواهر المرضية في هذا المجال أسهمت بدورها في إقصاء وتهميش هذين المجالين الإبداعيين .

ومثل هذا الوضع غير الطبيعي لشؤون المسرح والسينما جعل العاملين في هذين المجالين يعقدون الآمال العِراض على الآفاق المفتوحة التي تجلت عن سقوط صنم الاستبداد،في انطلاقة جدية وجديدة وحقيقية تعيد الألق والحياة للإبداع السينمائي والمسرحي وأن تتحول هذه الدائرة من لعب دور الرقيب والوصي على الإبداع الى دور مرفق ثقافي يوفر بما يمتلكه من إمكانات- كل مستلزمات النهوض بالواقع السينمائي والمسرحي والانطلاق به الى آفاق أرحب.

ومع مرور كل هذه السنوات ،فإن هذه المؤسسة ما زالت تئن تحت وطاة إرث كبير من التخلف ،على رغم وعود القائمين عليها ببدائل لم تتعدَ الإجراءات الإدارية التي لاتغني عن جوع.

فالمشاريع لم نجنِ منها سوى الكلام ،والمهرجانات تجتر أعمالاً أكل عليها الدهر ،فضلاً عن افتقارها للتخطيط والدراية ،ونشاطات لايؤمها سوى موظفو الدائرة بأوامر من مدرائهم.

فالمؤسسة كما نرى، مثقلة بالمشاكل، مثلما هي وزارة الثقافة.. حيث الميزانية الأقل والحركة المحدودة في المشهد الثقافي.. والتي غالباً ما تكون - ظلماً - هدفاً لسهام النقد، وهي حالها حال من ألقوه في الماء مكتوفاً، وحذروه أنْ يبتل به.

كنا وفي هذا المكان قد وجهنا دعوة بأن تتبنى هذه المؤسسة ورقة عمل مفصّلة لتطوير واقع السينما والمسرح يسهم فيها أصحاب الاختصاص وتطرح للنقاش من قبل جميع المعنيين ، ولعل من أبرز مايُطرح هو أن تكون دائرة السينما مستقلة عن المسرح، خاصة مع الانتشار الواسع للنشاط السينمائي.

ولكن أن تستكين هذه المؤسسة للأسلوب نفسه الذي مارسته في عملها السابق من دون أن يكون لها أي حضور مؤثر في المشهد الفني والثقافي فذلك يستوجب وقفة جادة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram