TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باختصار ديمقراطي: محرقة النقد الرياضي

باختصار ديمقراطي: محرقة النقد الرياضي

نشر في: 20 يناير, 2021: 11:03 م

 رعد العراقي

العمل الصحفي والإعلامي الرياضي، العين الثاقبة والساهرة لتقويم الحركة الرياضية بكل مفاصلها، وعمل شخوصها بميزان لا تميل كفّته نحو مقاصد شخصية أو أهواء نفعية، بل يقسو على ذاته أحياناً حتى وإن اضطرّ الى أن ينصف خصمه كي لا يجرح كلمة الحق ولا يظلم جهداً له أو يُحدِث شرخاً في الأسرة الرياضية.

الأمر بكل حيادية يتلخّص بأن للصحفي والإعلامي قلبين، أحّدهما ينبضُ لعيش حياتهِ الشخصية، يكرهُ ويحبُّ كما يشاءُ، والآخر مهنيُّ خالص يحيى به لحظات التعاطي مع قلمه وصوته فلا تتشابك عنده الرؤى ولا تختلط تصرّفاته بأهواء ذاتية أو مغريات نفعية، إنه قلب لا تثلمه العاطفة أو تكسره أحقاد أو مواقف ثأرية..بل تُوجِّههُ مصلحة المهنة وتُنقّيه الغاية والهدف.

من المؤسف القول إن العمل الصحفي والإعلامي الرياضي يمرّ الآن بمأزق فكري خطير بدأت ملامحه القلقة تطفو على الساحة منذ عام 2003 بعد أن تهاوت الكثير من القيم والمبادئ التي كانت تحكمه وتفرض على شخوصه نسقاً وأسلوباً يكتسي طابع الاحترام والانصاف في القول والتصرّف والكياسة والتهذيب بلا حدود..فكان الصحفي والإعلامي مثالاً وخزيناً للثقافة والرزانة وجميل الحديث واللفظ، وقد تطول القائمة بنماذج من شخصيات فذّة كانت ومازالت تمثّل الوجه المشرق للإعلام والصحافة الرياضية، وهناك من تمسّك للآن بخطّ مسيرته وحرص على تتبع أثرهم تصرّفاً وخلقاً والتزاماً وقد تكون تلك النخبة لا تزال تحافظ على ما تبقى من هيبة ووقار للمهنة!

لكن السؤال المهم: مَن هي الجهة المسؤولة عن إدارة ومراقبة المنظومة الصحفية والإعلامية وضبط ايقاعها ولجم الانفلات الفكري والاحساس الذهني لكثير من الشخوص وخاصة بعد 2003 ممّن بات يتصوّر أنه تحصّن بمصطلح الحرية والديمقراطية ومنح نفسه سلطة المسؤولية الذاتية والانتقائية ووظّف أدواته في خدمة تأمين عرشه الإعلامي ومركزه الشخصي مستخدماً ذريعة حقه في (النقد الصحفي الرياضي)..!!؟ في وقت إن أخطر ميادين العمل هو النقد الموجّه الذي يمكن أن يمثّل الوجه النبيل للتقويم والإصلاح لكل من يسعى لتلك الغاية، بينما يتحوّل الى تخريب وفساد ومحرقة حين يوظف للتسقيط والابتزاز، ويبقى عذر الجهل والإدراك السبيل الوحيد لكل من بات يسلك أسلوب النقد التسقيطي إن أردنا أن نُحسِن الظن به ولا نظلمه!

قد يكون الجواب عند البعض أن هناك مؤسّسات من المفترض أن تمثل المرجعية الإدارية لكل الصحفيين والإعلاميين إلا أن تزايد حالات الإساءة والتجاوز واتخاذ البعض ألفاظاً غير لائقة يطلقها بكل ثقة وكأنها جزءاً من شخصيته بعيداً عن أي محذورات أو حسابات تفرض عليه احترام القارئ أو المشاهد، إضافة الى حدوث خلافات وتقاطعات بين الرياضيين والصحفيين وصلت لحدود النزاعات العشائرية فيما بينهم، بل أن هناك من بات يستهين في النيل من شخصيات حكومية مسؤولة دون أن تتخذ إجراءات من تلك الجهات تردع التصرّفات هذه وتوقِف عبثية من يحاول أن يُسيء لتاريخ وحاضر ومستقبل مهنة الصحافة والإعلام.

القضية أصبحت خارج سيطرة السلطة الإدارية على ما يبدو، لكن عواقب ما يجري باتت تمسّ الرياضة العراقية شخوصاً وكياناً حكومياً يتطلّب من وزارة الشباب والرياضة وبالتعاون مع الجهات المعنية التحرّك نحو إعداد تشريعات مُلزمة توقِف عمليات الهدم والإساءة وتُحدّد ضوابط العمل المهني في إطار الحرية غير المنفلتة وتهذّب أساليب الخطاب الموجّه بما لا يُسيء للقارئ أو المشاهد أو لسمعة البلد، والأهم أن لا تتحوّل بعض المنصّات الإعلامية الى محاكم غير شرعية تصدر الأحكام وتوجّه التهم وتتّخذ من الظن والمعلومة السمعية دليلاً قاطعاً على إدانة كل من لا يتماهى معها أو يُعارض الجهة التي يعمل لها!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram