TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: العصور الفنية في الموسيقى

موسيقى الاحد: العصور الفنية في الموسيقى

نشر في: 23 يناير, 2021: 10:16 م

ثائر صالح

اعتاد مؤرخو الفن تقسيم تطور الفنون الى عصور وفق معايير وملامح محددة لكل فن. إذ يوجد اتفاق عام بينهم على هذا التقسيم رغم صعوبة وضع حدود فاصلة واضحة تماماً بين عصر فني وآخر.

فالانتقال بالذائقة والأساليب الفنية لا يجري بين ليلة وضحاها، بل تدريجياً على مر سنوات وربما عقود قبل أن يسود أسلوب العصر الجديد. في السابق كانت الفنون تشترك بملامح عامة تسهل للناقد والباحث تصنيفها ضمن مدرة فنية واحدة، بسبب التشابه أو التقارب في الذائقة والرؤية الفنية أو بما يسمى روح العصر. لكن هذا التشابه أخذ يتضاءل تدريجياً منذ القرن التاسع عشر مع تعقد تقنيات عملية الإبداع ومستويات التعبير الفني، لكنه لم يختفِ تماماً. وانتهى الأمر في القرن العشرين الى ظهور تمايز واضح بين مختلف الفنون وازدادت صعوبة تحديد سمات عامة تجمعها كلها. وقد أتجرأ بالقول إن ما يسمى بالفن الحديث "Art Nouveau" الذي انتعش كتيار أو مدرسة فنية من حوالي 1890 حتى الحرب الأولى هو آخر أسلوب فني شامل ومشترك ميّز مختلف الفنون الأوروبية – على الخصوص التطبيقية منها، وهذا ينطبق على الموسيقى أيضاً لكن لدرجة أقل بكثير من فنون أخرى كالعمارة والتشكيل.

بقدر تعلق الأمر بالموسيقى الأوروبية، يمكننا متابعة التطور الفني بوضوح منذ عصر النهضة الذي بدأ عصر الباروك بإزاحته في حدود 1600 م، ثم بروز المدرسة الكلاسيكية التي أزاحت الباروك بين 1750 – 1760 لحين سيطرتها في سبعينيات وثمانينيات القرن الثامن عشر. تلاها العصر الرومانتيكي الذي بدأت براعمه في السنوات الأولى من القرن التاسع عشر حتى سيطر لغاية بداية القرن العشرين حينما ظهرت التجارب المعروفة مثل المدرسة الفييناوية الثانية (شونبرغ والموسيقى التسلسلية أو تطبيقها الموسيقى الدوديكافونية أي الإثنعشرية مثلاً) والكلاسيكية الجديدة وصولاً إلى تجارب الموسيقى الألكترونية والمينيمالزم وغيرها في أواسط القرن الماضي. هناك تقسيمات أصغر للبعض من هذه المراحل، مثلاً هناك الرومانتيكية المبكرة والوسطى والمتأخرة وما بعد الرومانتيكية (والفارق بينها مدته جيل واحد تقريباً)، مع الإشارة إلى استمرار التقاليد الرومانتيكية طويلاً خلال القرن العشرين إذ يصنف العديد من أعظم موسيقيي هذا القرن ضمن المدرسة الرومانتيكية على العموم.

يمكن القول إن الموسيقى المعاصرة (منذ 1950) هي خليط فيه من الكثير من العناصر، مع عودة إلى المدارس القديمة (النهضة والباروك والكلاسيك) واستعمال التقنيات الحديثة، وتوليف عناصر وأساليب من موسيقى الشعوب والفولكلور والجاز، والاهتمام بالصوت ذاته كظاهرة فيزياوية وغيرها الكثير. لهذا السبب يصعب الحديث عن مدرسة فنية معاصرة لتنوعها وفرديتها. الجانب الآخر المميز هو الاستقلال النسبي لذلك الفرع من الموسيقى الذي صاحب ظهور وتعاظم دور السينما والأفلام والراديو، ثم التلفزيون وبعده الوسائط المتعددة، بحيث أصبحت مميزات هذا النوع من الموسيقى أشبه بالفنون التطبيقية، رغم عراقة ما يعرف بالموسيقى المصاحبة التي رافقت العروض المسرحية منذ عهد شيكسبير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

مشاركة 25 ألف مركبة خاصة و350 باصاً في نقل الزائرين

660 ألف طفل في قطاع غزة لا يزالون خارج المدارس

وزير الخارجية: القوات الأمريكية ستبقى في العراق بظل إدارة ترامب الجديدة

إيران: استقالة المسؤولين الإسرائيليين دليل على هزيمتهم

اسعار النفط العراقي تهوي لما دون 80 دولارا

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر

حينَ تَشْتَبِكُ الأقاويلُ

ملعون دوستويفسكي.. رواية مغمورة في الواقع الأفغاني

مقالات ذات صلة

علم القصة - الذكاء السردي
عام

علم القصة - الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الثاني (الأخير)منطق الفلاسفةظهر الفلاسفة منذ أكثر من خمسة آلاف عام في كلّ أنحاء العالم. ظهروا في سومر الرافدينية، وخلال حكم السلالة الخامسة في مصر الفرعونية، وفي بلاد الهند إبان العصر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram