ترجمة/ حامد احمد
بعد مرور اكثر من عام على احتجاجات شابتها احداث عنف كبيرة، اطلق ناشطون عراقيون احزابا سياسية لدخول غمار انتخابات قادمة. ويقول مراقبون انه اذا ما جرت الامور حسب ما مخطط لها فسيكون هناك احتمال كبير بإحداث تغيير.
وشهدت الاسابيع القليلة الماضية انتقال محتجين ضد الحكومة من ساحة الاحتجاج الى ساحة السياسة، حيث يشير محللون الى انه لديهم طاقة كامنة لتحقيق تغيير ايجابي للنظام السياسي المختل في العراق رغم العنف المتواصل ضدهم .
مسؤولو انتخابات ذكروا لوسائل اعلام محلية بانه تم تسجيل 260 حزبا سياسيا للمنافسة في الانتخابات القادمة وان ما يقارب من 60 حزبا جديدة.
وكان من المقرر ان تجري الانتخابات في حزيران، ولكن تم ارجاؤها هذا الاسبوع الى منتصف تشرين الاول القادم لاعطاء سلطات الانتخابات وقتا اكثر لتحديث بيانات الناخبين وتسجيل المرشحين .
رغم ان هويات الاحزاب الجديدة لم تكشف بعد ولكن مراقبين محليين يعتقدون ان كثيرا منهم سيكون لهم نوع من الارتباط مع الشبكات السياسية القائمة .
ولكن من ناحية اخرى هناك ايضا احزاب اصيلة تشكلت حديثا تخطط لتدخل سباق اقتراع العاشر من تشرين الاول. تم تشكيل تلك الاحزاب من قبل شباب عراقيين شاركوا في الاحتجاجات التي انطلقت في تشرين الاول عام 2019 والتي نجحت في النهاية باجبار رئيس الوزراء السابق على تقديم استقالته .
ومع تراجع موجة الاحتجاجات فان قسما من الذين يقفون وراءها يسعون الى مواصلة قضيتهم عبر وسائل سياسية رسمية. احد اشهر الناشطين علاء الركابي، الذي ينحدر من محافظة ذي قار، اعلن الجمعة الماضية عن تأسيسه لحزب اطلق عليه اسم، امتداد. الركابي وهو ناشط صيدلاني اصبح مشهورا في مساعدته للجرحى من المتظاهرين، وبعد استقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي في كانون الثاني 2019، اعتقد كثير من المحتجين بان الركابي هو الشخص المناسب لهذا المنصب .
وقبل ذلك بايام قليلة بدأ الناشط طلال الحريري، من بغداد بالترويج لحزب جديد أطلق عليه اسم، 25 تشرين، وهو اليوم الذي تلى اكبر احتجاجات ضد الحكومة عام 2019 . منظمة ثالثة تدعى (البيت الوطني)، تشكلت ايضا ولكنها لم تصنف نفسها بعد على انها حزب سياسي. محتجون ذكروا لوسائل اعلام محلية بان حزبين آخرين من المتوقع اطلاقهما هذا الشهر في الناصرية وبغداد وانهم يتوقعون ان تنبثق بشكل كلي 10 أحزاب قبيل الانتخابات من رحم حركة الاحتجاج . مقارنة بالاحزاب الاكبر والاقدم تأسيسا في العراق، فان هذه الاحزاب الجديدة الداخلة هي احزاب صغيرة غير متمرسة وغير ممولة. ولكن بفضل التغير الحاصل في قانون انتخابات العراق، فانه قد تكون لهم هناك فرصة .
الناشط الحريري قال لموقع DW الاخباري ان قانون الانتخابات الجديد كان احد اسباب تشكيل حزب 25 تشرين، موضحا بقوله "القانون الجديد وتقليص الرقع الانتخابية يمنحنا فرصة اكبر للفوز بمقعد. مرشحينا، الذين هم غالبيتهم من الليبراليين الشباب، لن ينافسوا بالطرق التقليدية التي شهدناها منذ العام 2005 والاحزاب الاسلامية الاكبر هي من تهيمن." ويرى الحريري ان من الاسباب الاخرى التي دعت لتشكيل حزب 25 تشرين، هو ما وصفه بانهيار الثورة السلمية بسبب الهجمات على المحتجين.
صحيح ان هناك خلافا بين المحتجين فيما اذا يتوجب عليهم ان يكونوا جزءا من النظام الذي كانوا يحاربونه.
ولكن الحريري يعتقد ان دخول الانتخابات هو افضل طريق للمضي قدما. وبرر ذلك بقوله "نحن نريد ان نستثمر مستعينين بالديمقراطية وان نبني اسس تغيير كبير من داخل النظام من دون ان نخسر مزيدا من الارواح ."
وكبقية مجاميع الاحتجاجات الجديدة، فان حزبه يعتبر نفسه علمانيا معارضا للنظام السياسي العراقي الطائفي والعرقي الذي تأسس عام 2003 لتقاسم السلطة سلميا بين المكونات الرئيسة الثلاث المسلمين الشيعة والمسلمين السنة والكرد .
مرشحي الاحزاب الجديدة لم يتم الاعلان عنهم بعد، وهناك بعض المخاوف من ان يتم تعرضهم لعنف حال كشف اسمائهم للعامة . وتتساءل ربى علي الحسني، من معهد التحرير لسياسة الشرق الاوسط في كندا بالقول: "كيف لنا ان نتوقع ان يخرج الناشط في حملة انتخابية دون ان يكون هناك خطر يتربص له؟ بدون ان تكون هناك حماية موفرة للناشطين المعرضين للخطر، فان الحكومة بهذا تسمح بقمع حملتهم الانتخابية ."
الناشط الحريري يقول ان مرشحي حزب 25 تشرين سيستعينون بوسائل التواصل الاجتماعي ومنافذ اعلامية اخرى حسب المستطاع كوسيلة لحملتهم الانتخابية بدلا من دخول الحملة بشكل شخصي . ويشير قائلا "نعتقد انها الوسيلة الافضل لمرشحينا لكي يتجنبوا المخاطر المباشرة ."
المحلل السياسي مصطفى حبيب يقول ان المحتجين لهم باع طويل أصلا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي تمكنوا خلالها من تنظيم الاحتجاجات وتحشيد الناس لها.
ويمضي بقوله "لهذا فانهم من المؤكد ان يدفعوا الناس للتصويت لهم بهذه الطريقة." الى ذلك، قالت الباحثة الحسني "التعبئة الشعبية ضرورية لتحدي الاحزاب السياسية الكبيرة ."
ويضيف المحلل السياسي مصطفى حبيب قائلا "يستطيعون ذلك اذا توحدوا بينهم. الانقسامات الداخلية بينهم هي اكبر تحد يواجههم الان"، مشيرا الى انه قد سمع بان احزاب الاحتجاجات يعقدون حاليا اجتماعات للتوصل الى اجماع بينهم قبيل شهر تشرين الاول القادم .
وقال حبيب ان قانون الانتخاب الجديد في صالحهم خصوصا اذا اتفقوا على مرشح واحد عن كل منطقة وان لا يتنافسوا فيما بينهم. ويرى انهم اذا فازوا باكثر من 30 مقعدا في البرلمان المؤلف من 329 مقعدا، فعندها ستتوفر لهم فرصة جوهرية لتحقيق تغيير . واستنتج حبيب قائلا "انا متأكد ان الشعب العراقي معهم. وما يحتاجونه فقط هو ان تكون لديهم خطة ."