الكتاب: الرؤية أبعدتأليف: عدة مؤلفين ترجمة: عادل العامل قبل 350 سنة تقريباً، التقى اثنا عشر رجلاً في مدينة لندن و استمعوا إلى محاضرة لعالم فلك شاب يدعى كريستوفر رين، الذ ي سيصبح لاحقاً معماري كاتدرائية القديس بول. و قد صمّموا على الاجتماع وفق قاعدة منتظمة. و تأثراً بكتابات سير فرانسي بَيكون،
رجل الدولة و فيلسوف القرن السابع عشر الذي أكد أن المعرفة يمكن أن تُكتسَب عن طريق اختبار الفِكَر من خلال التجارب أو الخبرات، فإن المجموعة بدأت تلتقي كلَّ أسبوع لمناقشة المسائل العلمية و يقف أفرادها على التجارب التي يعيشونها. و بعد سنتين من ذلك، منح تشارلس الثاني هذه الجمعية مرسومها الملكي؛ و تمخضت الجمعية الملكية عن العلم الحديث.و يحتفي كتاب (الرؤية أبعد Seeing Further: قصة العلم و الجمعية الملكية) بالذكرى السنوية للمؤسسة في مجموعة من المقالات التي كتبها أكاديميون و كتَّاب و قدَّم لها بيل برايسون، و هو من مؤلفي الكتب الأكثر مبيعاً. فنجد ريتشارد فورتي من متحف التاريخ الطبيعي يتأمل في أهمية المجموعات، و بول ديفيس من جامعة ولاية أريزونا يتساءل عن احتمال وجود حياة في أماكن أخرى غير الأرض، و ريتشارد دوكينز يوقف، مؤقتاً بالتأكيد، هجماته العنيفة على المتدينين ليتحمس بشأن دارون و الانتقاء الطبيعي.و يمكن القول إن السيد برايسون، أو بشكلٍ أكثر قبولاً، جون تَرني، و هو المحرر المشارك للكتاب، لا يحصر اختياره للمؤلفين بأولئك المعروفين بكتابتهم العلمية. فهنا تقدم مارغريت أتوود، الروائية الكندية، أفكارها بشأن أصل شخص العالِم المجنون، و نيل ستيفنسون، الذي يكتب القصة العلمية، يستكشف الحافة التي تحاذيها الميتافيزيقيا من خلال عمل مفكرين عظيمين، سير إسحاق نيوتن و غوتفريد ليبنيز. و قد تضمن الكتاب أولئك الكتَّاب الذين اشتُهروا لنتاجهم العلمي، أيضاً. فيصف جيمس غليك اللقاءات المبكرة التي أجرتها الجمعية. و يقدّم فيليب بول دفاعاً حماسياً عن أهمية الهندسة، و يرسم أوليفر مورتون، و هو زميل في مجلة الإيكونومست، كوكب الأرض كجرمٍ سماوي ديناميكي. ثم هناك برايسون نفسه، الممتع أبداً، الذي ينقّب في الأرشيفات و المذكرات، و يلتقط منها لقطاته المفضّلة، التي تتضمن قناع موت نيوتن و أحد تيليسكوباته التي صنعها بيديه.لقد تمخضت مؤسسة (الجمعية الملكية) على نحوٍ قابل للجدل و النقاش عن العلم الحديث. فلقد أنشأ البابليون القدماء تقنيات رياضية معقدة لتسجيل النجوم، و أقام الأغريق تنظيم المعرفة استناداًً إلى المنطق، و كتب الدارسون المسلمون نصوصاً فلكية و طبية، و دوَّن المخترعون الصينيون وصفات لعمل البارود. لكن لا أحد من هؤلاء أصبح مكتفياً ذاتياً بالطريقة التي عليها العلم اليوم. فقد اخترعت الجمعية العلم من خلال الإصرار على أن يكون المنطق مدعوماً بالحقائق التجريبية، و بترسيخ أن التجربة يمكن وصفها بواسطة الرياضيات، و باختراع مراجعة نظيرة و بالنشر العلمي من أجل السماح للتحقق و الإثبات، أو خلاف ذلك، للادعاءات العلمية.و بهذا العمل، قامت بتثوير الطريقة التي يفكر بها الناس في ما يتعلق بالعالم. فالمعرفة يمكن اختبارها، و تغيّر المناخ يمكن التعرف عليه أو تحديده، و أسواق السلع يمكن تحليلها، و أصول الكون ذاتها بالمستطاع سبر غورها. لقد منح العلم المجتمع أموراً كثيرة كالهاتف و الانترنيت، لكنه أيضاً يضع مكان الجنس البشري عارياً على كوكب يدور في مجرة اعتيادية يوجد بلايين منها في الكون. و هو يسمح بالتنبؤات. و كما يعبّر لورد ريز، رئيس الجمعية الملكية، في فصله الختامي، " فإن الشمس قد تشكلت قبل 4.5 بليون سنة، لكنها ستستمر بلايين أخرى قبل أن ينفد الوقود. و أية مخلوقات تشهد زوال الشمس بعد 6 بلايين سنة من الآن، هنا على الأرض أو ما وراءها، لن تكون بشراً ــ ستكون مخلوقاتٍ مختلفة عنا كما نحن مختلفون عن البكتريا ".
مفهوم العلم من البابليين حتى العصر الحديث
نشر في: 18 مايو, 2010: 05:22 م