TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: الشاعر الصعلوك

قناطر: الشاعر الصعلوك

نشر في: 31 يناير, 2021: 10:21 م

 طالب عبد العزيز

يرد كثيراً في أدبيات الثقافة العراقية اسم الشاعر جان دمو عند الحديث عن الشاعر سركون بولص وجماعة كركوك، وكان الشاعر سامي مهدي قد كتب في صفحته على الفيسبوك بما يضعّفهُ شاعراً، ويؤكد على أنه "شاعرٌ في حياته أكبر منه في نصّه". وهذه خلاصة يقولها عارف بالشعر، عليم بعميقه وسطوحه، وفي قراءة لشعر جان دمو لا نرى فيه أبعد من الرأي السديد هذا، مع يقيننا بوجود من يرى غير ذلك.

في وسط ثقافي عراقي أصيل، نسجت شبكته أهواءُ اليمين واليسار، في وسط كهذا لا نعدم وجود الآخر الدخيل، الطارئ، والمتطفل أحياناً، والموجود فيه بإغواء الشهرة، واستعراض النفس، ربما يكون جان دمو ومثله الكثير قد تسللوا للوسط الثقافي هذا من بواباته الثانوية تلك، فأفلح بعضُهم، وأخفق آخرون، لكنهم أصبحوا ضمن نسيجه العام، وربما توغلوا في ذاكرة الوعي الجمعي للثقافة، فكانوا الفاكهة والعطر، لا بما قدموه من نتاج شعري، إنما عبر وجودهم الانساني، وربما الملح والطرافة التي رافقت ذلك، أو بفعل شبكة العلاقات التي نسجت خيوطها هنا وهناك، مع أصدقائهم من الشعراء الحقيقيين، الذين تمكنوا من أدواتهم، وأصبحوا على ما يجب أن يكونوا عليه، كشعراء، في الحضور والشهرة، وجملة الكتب التي أصدروها.

عرف الأدب العربي الكثير من الصعاليك، شعراء وغيرهم، وانتجت الحياة العراقية بتقلبها عبر السنين أنماطاً كثيرة من الصعلكة، وكانت الحرب الأيرانية- العراقية، وبسبب رفض الكثير من المثقفين لها في قد انتجت لنا مجموعة في الشعراء الصعاليك، الذين ادعى بعضهم الصعلكة رفضاً وموقفاً وبياناً ضدها، فيما اتخذه البعض نهجاً وفطرةً في الحياة، بعيداً عن السياسة والموقف من الحرب.

وفي جانب من ذلك نقول ربما اتخذ البعض من الشعراء الصعلكةَ حجاباً، اختفى خلفه بسبب مواهبهم البسيطة، أوكانت وجاءً لدى الطارئين والكسالى، الذين لم يولدوا بمشاريع ثقافية حقيقية، وانشغلوا بما في الحياة من متع وترهات، فكانوا اخلص الى حياتهم من مشاريعهم كشعراء وأدباء. وهذا حق لهم، لكنني، أرى أنَّ وجودهم في ثقافة بلد مثل العراق وفي ثقافة كبيرة مثل الثقافة العربية أمر طبيعي، وربما عدَّ النقاد المحدثون وجودهم بيننا وجود العافية والجمال، فهم زينة مجالس السهر، وفاكهة أحاديث الضجر، وقد لا يتصور البعض صورة ثقافتنا لو لم يكن فيها عبد الأمير الحصيري وحسين مردان وكزار حنتوش، وخليل الأسدي ونصيف الناصري وصباح العزاوي وجمال حافظ واعي وغيرهم، بل ليس بيننا من لم يقع تحت إغواء حياة البعض منهم في جانب ما من حياته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram