TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الذبح العشوائي... تهديد للسلامة العامة ومخاطر بيئية..بيطريون يحذرون من تداعيات الظاهرة

الذبح العشوائي... تهديد للسلامة العامة ومخاطر بيئية..بيطريون يحذرون من تداعيات الظاهرة

نشر في: 1 فبراير, 2021: 10:21 م

 بغداد-عديلة شاهين

باعة جائلون هنا و هناك يفترشون الشوارع و الطرقات لذبح الطيور و الماشية و إلقاء مخلفاتها أمام المارة وسط غزارة الدماء و الروائح الكريهة الناتجة من عملية الذبح مما يؤدي إلى جذب الحشرات و القطط و الكلاب الضالة حولها ، دون الاكتراث بالعواقب البيئية و الصحية و التهاون في تصريف دماء الذبائح الى مياه الصرف الصحي إضافةً الى ترك اللحوم في العراء مما يعرضها الى التلوث و الغبار و الأتربة.

تحقّق المدى في ظاهرة الذبح العشوائي و تبعاته الخطيرة على الصحة و البيئة و تهديده للسلامة العامة ، خاصةً في ظل الظروف الصحية الراهنة.

الذبح العشوائي و انتقال الأمراض

و في هذا الصدد إلتقت المدى بعدد من الأطباء البيطريين و من إختصاصات مختلفة ، حيث أشار د. سفيان صالح سلمان اخصائي الطب الوقائي، و استاذ في كلية الطب البيطري جامعة بغداد الى عملية الذبح العشوائي قائلاً :

يؤدي الذبح العشوائي في الطرقات الى مخاطر محتملة اذا كان الحيوان مصاباً بمرض مما يشكل خطراً على الإنسان كالأمراض الفايروسية خاصةً عند ملامسة دماء الذبائح كمرض الفارسيلا الذي يظهر على شكل حبوب حمراء تثير الحكة و تسبب الإسهال و القيء و مرض الحمى النزفية والسل و البروسيلا و أمراض طفيلية و بكتيرية أخرى ، و بالنسبة للحيوانات التي لا تخضع للفحص فمن الممكن أن تصيب المستهلك بالأمراض التي تنتقل عن طريق الجهاز الهضمي كالسل البقري و البروسيك و السالمونيلا ، أيضاً تجمّع الدماء الملوثة الناتجة من عملية الذبح قد يؤدي الى تكاثر البكتريا و الحشرات الناقلة للأمراض ، و يكون بيئة خصبة لتكاثر الميكروبات ، لأن مجموع الميكروبات الموجودة في الدماء و عند ملامسة الإنسان لها قد تستقر بداخله و لسنوات طويلة ، و من الممكن استقرارها أيضاً في المياه الراكدة ، فاذا تم ذبح حيوان مريض و رمي مخلفاته في الشارع فذلك يساهم في انتشار المرض .

و أوضحت الدكتورة جنان محمود (اخصائية الأمراض المشتركة) كيفية انتقال الأمراض جراء عملية الذبح قائلة :

إن أصحاب بسطيات الذبح العشوائي يتعاملون مع مزارع عشوائية تفتقر حيواناتها الى الفحص قبل طرحها في الأسواق ، إذ لا بد من فحص الحيوان قبل الذبح للتأكد من صلاحيته للاستهلاك البشري و خلوه من الأمراض المشتركة بين الأنسان و الحيوان ، و يجب أيضاً تخزين اللحوم بعد الذبح في مكان مبرد و بعيداً عن الغبار لتجنب تلفها لأن أمراض الحيوانات المذبوحة في العراء تنتقل عن طريق الاستهلاك المباشر أو لمسها خاصة إذا ما تم ذبح الحيوان و هو في الرمق الاخير أو نافقاً و عدم قدرة المستهلك على اكتشاف مرضه.

مضيفةً للمدى : يجب فحص الحيوان جيداً بعد الذبح و التأكد من عدم وجود ديدان في أحد أعضائه و فحص اللسان للتأكد من عدم وجود حويصلات عضلية أو أكياس مائية و فحص الكبد و الرئة و الأحشاء للتأكد من عدم وجود علامات الطفيليات الداخلية أو ظهور ألوان غريبة ، و يتم ذلك من قبل طبيب بيطري مختص.

و قال الدكتور سامر صادق حميد (اخصائي فايروسات ) إن الذبح في الطرقات و الأماكن الشعبية يؤكد عدم فحص الحيوان قبل الذبح مما يؤدي الى سرعة انتشار الأمراض و انتقالها من الحيوان الى الإنسان ، لذا لا بد من تطبيق الشروط الصحية و الوقائية في أماكن ذبح الحيوانات مع ارتداء القفازات و الأحذية البلاستيكية و النظارات و عدم التدخين أو تناول المأكولات بالقرب من الدواجن و غسل اليدين جيداً بالماء و الصابون و تعقيمهما بعد ذبح الحيوان .

مشاكل فسيولوجية و نفسية

إن رؤية الأطفال لدماء الذبائح قد تصيبهم بحالة نفسية و تشعرهم بالقلق و التوتر و العصبية و قد تدخلهم في نوبة بكاء و الإقلاع عن تناول اللحوم و النفور منها لأنهم عادة ما يرون الحيوان صديقاً لهم ، هذا ما أكده استشاري الطب النفسي د. محمد الإمارة مستطرداً بالقول : ربما يصاب البعض بمرض فوبيا الدماء الذي من أعراضه الشعور بالقلق و الارتجاف عند رؤية الدماء و قد يؤثر ذلك على الطفل و سلوكه مستقبلاً لأن هذه المشاهد من الممكن أن تُخزن في ذاكرة الطفل كنوع من أنواع العنف مما قد يتسبب بحدوث عصاب ما بعد الصدمة و هو عبارة عن حالة تصيب الطفل كلما رأى مشهد الدماء تصحبها صدمة نفسية و حالات من الاغماء أو تبول لا إرادي ، و إصابته بمشاكل فسيولوجية كسرعة نبضات القلب و عدم القدرة على التنفس و تغير ملامح الوجه و الشعور بالتعب و الإرهاق و جفاف الحلق و الفم و زيادة التعرق فالطفل بطبيعته لا يخاف و إنما يكتسب الخوف من البيئة المحيطة و لا تستوعب براءته مشاهد الذبح و الدماء.

مضيفاً : إن مشهد ذبح الحيوان في الشارع قد لا يرغب بمشاهدته الكبار أيضاً فالدماء المتناثرة و صوت الحيوان يعد أمراً منفراً و قد يصيبهم أيضاً بمرض رهاب الدم و هو من أكثر حالات الرهاب انتشاراً في العالم و من أعراضه انخفاض في ضغط الدم الذي يؤدي الى الإغماء في بعض الأحيان و نوبات من الهلع و التعرّق و الارتجاف و الغثيان و القيء، و من الممكن علاج هذه الحالة عن طريق زيارة الطبيب النفسي.

مخاطر بيئية و تذمّر المواطن

و بيّن الباحث المتخصص في شؤون البيئة محمود الحسيني تأثير الذبح العشوائي على البيئة قائلاً : تحلل مخلفات الذبائح على التربة قد يؤدي الى خلل بيئي و تلوث التربة لأن المخلفات تصدر غاز الميثان و ثاني أوكسيد الكاربون ، بالإضافة الى الروائح الكريهة نتيجة تعفنها تؤدي إلى تلوث الهواء و جذبها للحشرات و القوارض الحاملة للأمراض التي قد تنتقل الى الإنسان و كذلك عدم ضمان نظافة الأدوات المستخدمة للذبح و تعقيمها يلوث اللحوم.

و أثارت مشاهد الذبح العشوائي تذمر المواطنين خاصة في ظل جائحة كورونا ، وأكد ذلك للمدى المواطن سيف علي متحدثاً : أن رؤية الحيوانات و الدواجن و أحشائها في الشارع هي من المشاهد اليومية ، و تفتقر عملية ذبح هذه الحيوانات لأدنى عوامل السلامة و النظافة من حيث الأماكن المخصصة للذبح و هي ظاهرة خطيرة لأنها تعكس مظهراً غير صحي و غير حضاري .

مشيراً الى سيارات بيع الأسماك الحيّة المنتشرة في الشوارع ، حيث يتم تقطيع الأسماك و رمي أحشائها و في آخر النهار يتم تصريف مياه أحواض الأسماك في الشارع لتكون بؤرة لتجمع الحشرات و الفايروسات ناهيك عن الرائحة الكريهة الصادرة من تجمع المياه ، مما يشكل عبئاً إضافياً على عمال النظافة المعرضين للإصابة بالأمراض نتيجة جهل البعض.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

البرلمان يعقد جلسته برئاسة المشهداني

الأمم المتحدة: غزة تضم أكبر عدد من الأطفال مبتوري الأطراف في العالم

هيئة الإعلام: إجراءاتنا تواجه فساد المتضررين

الهجرة تعلن بدء عودة العوائل اللبنانية وتقديم الدعم الشامل لها

اللجنة القانونية: القوانين الخلافية تعرقل الأداء التشريعي للبرلمان

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟
تحقيقات

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟

 المدى/تبارك المجيد كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، والظلام قد بدأ يغطي المكان، تجمعنا نحن المتظاهرين عند الجامع المقابل لمدينة الجملة العصبية، وكانت الأجواء مشحونة بالتوتر، فجأة، بدأت أصوات الرصاص تعلو في الأفق،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram