د. حسن السوداني

يُعد الشاعر والكاتب المسرحي السويدي لارش نورين المولود في التاسع من أيار عام 1944 في العاصمة السويدية ستوكهولم من أشهر الكتّاب المسرحيين المعاصرين في السويد وأوروبا

محققاً شهرة عالمية في أوساط الكتابة للمسرح بعد كتابته مسرحياته المعنونة ( الليلة أم النهار) و ( الفوضى جار الله) اللتان كتبهما في فترة الثمانينيات وهما يتناولان جزءاً من السيرة الذاتية له إبان نشأته في ينرب Genarp ضمن إقليم سكونة جنوب السويد.

تدور أعماله المسرحية حول العلاقات الاجتماعية للعائلات المصنفة في قاع المجتمع أو تلك التي تعيش الرخاء المادي ولكنها تفتقد للعلاقات العاطفية المستقرة سواء في الطبقة الوسطى أو العليا منه. كما تنناولت أعماله تأثير الزمن و العلاقات الاجتماعية في محيط الحياة الإنسانية, وغالباً ما تكون تلك المسرحيات ذات طابع فريد في كتابة الحوارات الداخلية التي لا تحدها النهايات ولا تختلف أسلوبياً عن الشكل الشعري في الكتابة المسرحية وهي غالباً ما تمتد لمئات الصفحات التي يتطلب تمثيلها ساعات طويلة وتتيح معالجة قوية للأحداث وعمل مجموعات منسقة لكل جزء من تلك المسرحيات وفقاً لطول ومحتوى النص.

في سن التاسعة عشر كتب لورين أولى نصوصه المسرحية ونشرت ضمن مجموعة من النصوص في سلسة( الثلج والألوان الارجوانية الفاتحة) ثم نشر عدداً من القصائد الشعرية في مجلة صديق الشعر(Lyrikvännen) التي تأسست في عام 1954 وكذلك مجلة روندو المهتمة بقضايا الشعر السويدي.

اتسم شعر لوين في بداياته بارتفاع منسوب استخدامه الكلمات ذات الطابع العالي التعبير الممزوج بالخيال والسرد الهادئ والملهم , كما هو الحال لدى الكتّاب الفرنسيين هنري ميشو وريمون روسيل, متخذاً من المصحات النفسية والعلاجية الذهنية للأحداث جواً عاماً لقصائده حتى وصفت تلك المرحلة الشعرية من عمره ب( الشعر – الانفصام). بين عام 1963 ولغاية الآن أصدر لورين ست عشرة مجموعة شعرية ابتدأها بديوانه (الثلج والألوان الارجوانية الفاتحة مروراً بمجاميعه الشعرية( ما تبقى من روعة الصورة المختفية, مقدمة 2 الى الانفصام, موسوعة.ذهول, مسدس, منفردات القصائد, لعبة مرايا,الملك وقصائد أخرى, يوميات وقصائد ليلية, مذكرات,العمل الليلي, أمر, القلب في القلب, شظايا)

في مرحلة كتابته الرواية كتب لورين ( لسعة النحل Biskötarna) ورواية (تحت ارضك سماء) في عام 1970- 1972 وهما يدوران حول الكشف عن عالم الجريمة والمخدرات والجنس في مدينة ستوكهولم, وهما مهدا لعالم الدراما الذي سيلجّه نورين لاحقاً. في هذا العام أيضاً عرف لورين كشاعر سويدي مهم في تلك الحقبة الزمنية وخاصة بعد إصداره مجموعة قصائد الحب الشعرية التي حملت عنوان ( القلب في القلب Hjärta i hjärta ) ليتجه بعدها الى عالم كتابة النصوص المسرحية التي تجاوز عددها الثلاثين نصاً من بينها( فندق المملكة, وملحمة الجوع, كرسي الرماد,موسيقى هادئة,المفقود,الحرب, ومن أواخر أعماله مسرحية طيور البطريق لايمكنها خبر كيكة الجبن). وحصل لورين على عشرات الجوائز الأدبية والفنية من بينها جائزة الاكاديمية السويدية لدول الشمال , وجائزة الشعر وجائزة الثقافة السويدية.

كتب لورين العديد من المسلسلات الإذاعية من بينها ( صندوق واحد, الظلال,الاكتئاب) ومن أعماله التلفزيونية الشهيرة ( التبريد,ظل الأولاد, ميونخ وأثينا) عمل لورين بين عام 1998 ولغاية 2007 مديرا فنيا للمسرح الوطني السويدي وأخرج العديد من الأعمال من بينها مسرحية طائر النورس للكاتب الروسي تشيخوف. كما عمل مخرجاً في عدد من العواصم الأوروبية مثل بروكسل, برلين,كوبنهاكن , أوسلو, باريس.

في عام 2008 أصدر لورين كتابه المثير للجدل(يوميات الكاتب المسرحي) مكوناً من 1680 صفحة ضمنها النقود التي وجهت الى مسرحياته ومذكراته اليومية التي رافقت كتابته النصوص المسرحية أو الأعمال التي أخرجها للمسرح السويدي للفترة من 2005- 2012 وكشفت عن الكثير من القضايا الخاصة في تعامله مع المخرجين والممثلين وأهم ردوده على النقود التي وجهت له.

في السابع والعشرين من شهر كانون الثاني 2021 غادر عالمنا هذا بسبب إصابته بفايروس كوفيد 19 عن عمر ناهز 76 عاماً وبذلك خسر ت السويد أحد أهم عمالقة الكتابة المسرحية الذين مروا بتاريخها المعاصر