علاء المفرجي
في أكثر من بلد في العالم يتوزع (ستوديو الممثل)، خاصة في تلك البلدان التي تشهد حركة سينمائية ومسرحية ناشطة، وعبر التاريخ استطاع ستوديو الممثل أن يقدم ممثلين عظام، ملأوا السينما والمسرح بحضورهم الطاغي.
لكن من أين انطلقت فكرة إستوديو الممثل؟ ومتى؟
فإستوديو الممثل منظمة عضوية للممثلين المحترفين ومديري المسرح وكتّاب المسرحيات انطلقت في مانهاتن في مدينة نيويورك . في 5 أكتوبر 1947، من خلال ايليا كازان ، شيريل كروفورد و روبرت لويس ، الذين قاموا بتدريب الممثلين الذين كانوا أعضاء. في الاستوديو،انضم لي ستراسبرغ في وقت لاحق وتولى منصب مدير الاستوديوعام 1951 حتى وفاته 1982.
يشتهر الاستوديو بعمله في تحسين التمثيل وطريقة التدريس . وتم تطوير هذا النهج في الأصل من قِبل مجموعة المسرح في الثلاثينيات من القرن الماضي بناءً على ابتكارات قسطنطين ستانسلافسكي. أثناء وجودهم في الاستوديو ، يعمل الممثلون معاً لتطوير مهاراتهم في بيئة خاصة حيث يمكنهم المخاطرة كأداء دون ضغوط الأدوار التجارية.
وفي كل مرة تتحدث صحف العالم عن مارلون براندو أو غيره من عمالقة التمثيل الحقيقي، معتبرة إياهم من أكبر الفنانين الذين عرفتهم هوليوود والسينما العالمية في شكل عام، يعزو الجميع سبب تألقهم الفني الى دراستهم لدى (ستوديو الممثل) الذي قام على أكتاف لي ستراسبرغ وإيليا كازان وغيرهما. فحين تتحدث مجلة انكليزية متخصصة «امباير» عن أعظم خمسة ممثلين في تاريخ الفن السينمائي، يتبين أن أربعة من بينهم تلقوا دروس الفن في (ستوديو الممثل) نفسه. وإذ يمعن الناس النظر يبتغون معرفة ما هو (استوديو الممثل) هذا، وما هي جذوره، يسود الحديث عن «المنهج» ثم بالتحديد، واستطراداً، عن المسرحي الروسي الكبير قسطنطين ستانسلافسكي بصفته الفنان والمنظّر الذي ابتدع للقرن العشرين، فن التمثيل مُحدثاً في ما سبقه من فنون تمثيلية ثورة كانت في الأساس ثورة مسرحية، ولكن من المؤكد أنه ما كان يمكن فن السينما أن يكون، في زمننا هذا، ما هو عليه، من دون تلك الثورة. ذلك أن أساليب ستانسلافسكي، نقلت التمثيل، مباشرة، من المبالغات الاستعراضية والعرض الخارجي السطحي والانفعالي للعواطف والمواقف، الى تعبير داخلي ينبع من الروح. والحال إن المرء إنْ شاء استذكار نماذج حية على ما نقول سيتعين عليه أن يتخيل أناساً مثل براندو وآل باتشينو وجاك نيكلسون وغيرهم وهم يؤدون أدوارهم الخالدة.
ولعل أفضل الممثلين الذين تدربوا في استوديو الممثل عبر تاريخه مارلون براندو وجيمس دين ومونتكومري كليفت وستيف مكوين وجين فوندا وبول نيومان وجو آن وودوارد ومارلين مونرو ولي ريميك وآن بانكروفت وروبرت دينيرو وآل باتشينو وجاك نيكلسون ، وتطول القائمة.. ويعد هؤلاء من أفضل الممثلين في السينما، بل أن أغلبهم نال الاوسكار غير مرة.
وكان لاستوديو الممثلين وحدات خاصة للمخرجين والكتّاب والمؤلفين المسرحيين. وقدم هؤلاء أعمالاً خاصة في المسرح الكلاسيكي برعاية هذا الاستوديو. ومن هؤلاء نورمان ميلر ومارك رايديل وجيمس بالدوين وتنيسي وليامز وإدوارد ألبي.
ومع نجاح عمل هذا الاستوديو في أميركا والانجازات التي حققها أعضاؤه، انتشر الستوديو في أغلب بلدان العالم.. وصار وجوده مقروناً بانجازات كبيرة..
ومشروع الفنان هيثم عبد الرزاق (ورشة فضاء التمرين المستمر) الذي بدأ قبل سنوات يدخل في هذا الإطار، إلا أنه وبسبب قلة الدعم لم يستطع أن يُثبت حضوره، وبقي مجهوداً فردياً للفنان الطموح عبد الرزاق.. فاهتمام الممثلين بهذا المشروع دون النظر إليه من زاوية ضيقة، سيكون حتماً شاخصاً مهماً في مسيرة المسرح والفن السينمائي في العراق.