TOP

جريدة المدى > عام > في كتابه الجديد ( دروب المقدس ): الفيلسوف الفرنسي فريدريك لينوار يخوض رحلة فلسفية

في كتابه الجديد ( دروب المقدس ): الفيلسوف الفرنسي فريدريك لينوار يخوض رحلة فلسفية

نشر في: 6 فبراير, 2021: 09:22 م

 التأمل هو الحل لأنه يخلق هدوءاً داخلياً

 لاتشعر بالذنب لأنك بخير في عالم يمر بأزمة ..

 ترجمة : عدوية الهلالي

في أحدث إصداراته ، يدعونا الفيلسوف والكاتب فريدريك لينوار ,عبر رحلة روحية وجسدية , لاكتشاف التراث المقدس لعالمنا ..كان لينوار قد ألف حوالي خمسين كتاباً مابين مقالات وروايات وحكايات وموسوعات ترجمت الى عشرين لغة وبيع منها سبعة آلاف ملايين نسخة في جميع أنحاء العالم ، ولطالما اهتم فريدريك لينوار بالقضايا الروحية والحكمة لذا فهو يقدم مسحاً شاملاً عن سفراته في مختلف دول العالم عبر كتاب الرحلات الجديد " دروب المقدس "الصادر مؤخراً عن دار بابيليو للنشر والذي يضم رؤيته الخاصة لهذه القضايا ..

يقول لينوار في مقدمة كتابه :" لأكثر من أربعين عاماً ، كنت مهتماً بالقضايا الروحية والحكم المتنوعة في العالم. وتمكنت من إنجاز مجموعة وثائقية بالسفر عبر القارات الخمس على خطى المقدس. من أستراليا إلى إثيوبيا ، ومن بيرو إلى اليابان - عبر فرنسا ، وتركيا ، وغواتيمالا ، والولايات المتحدة ، وكندا ، والهند ، والنيبال – حيث شاهدت مناظر طبيعية رائعة والتقيت بنساء ورجال وأطفال أثارتني حماستهم الروحية وإنسانيتهم. فقمت بتصويرهم وكتبت قصة هذه الرحلات من أجل مشاركة هذه اللحظات الفريدة. وهكذا ولِد هذا الكتاب..

صحيفة ( ايكو) الفرنسية أجرت حواراً مع الكاتب حول محتوى كتابه ،جاء فيه :

*قد يبدو الأمر متناقضاً بإصدار كتاب عن السفر في فترة الحظر المنزلي ... لماذا نحتاج إلى السفر كثيراً؟

-لأن البشر فضوليون. فكل نوع حيواني له خصوصياته ولا تحتاج معظم أنواع الحيوانات إلى مغادرة أراضيها ، أما خصوصية الإنسان فهي التي تمنحه فضولاً لايشبع ، لأنه يرغب باستمرار باكتشاف آفاق جديدة.

* هل ستكون هذه الأزمة فرصة لإعادة التفكير في طريقة سفرنا؟

-لقد قمت برحلات استثنائية بعض الشيء ، الأمر يتطلب التنظيم بالتأكيد ويكلفنا الكثير. فعندما نسافر عادة ، لا نلتقي دائماً بالناس ؛ نحن نتجمع في الفنادق ونقوم فقط بمشاهدة المعالم السياحية. ولكن يمكنك أيضًا السفر دون تحضير أي شيء على الإطلاق ، مما يسمح لنفسك بالاضطراب بسبب الطبيعة والآخرين. إن ترك النفس على سجيتها يزعزع الاستقرار ويثرينا بشكل كبير. عندما كان عمري عشرين عاماً ، ذهبت إلى آسيا لمدة أربعة أشهرولم أكن أعرف أبداً أين سأنام في اليوم التالي.

*هل تعلمنا رؤية الجمال في جميع أنحاء العالم أن نولي المزيد من الاهتمام للجمال القريب منا؟

-نعم ، يمكننا تطوير طريقة اهتمامنا بما لدينا ..فبمجرد وصولي إلى المنزل ، وجدت نفسي محتجزاً في شاليه صغير في الجبال... بدأت انتبه للطيور وأصوات الطبيعة. وكنت في حالة من الاهتمام والانفتاح المستمرعلى مايحيط بي . أنا لم ألحظ الطبيعة أبداً كما فعلت أثناء الحظر.

*متى يجب أن تنتهي الرحلة لديك ؟

- تعجبني فكرة أنني يمكن أن أسافر في أي وقت. في الوقت نفسه ، أقدر التناوب بين الترحال والاستقرار. أشعر أيضاً بحاجة قوية جداً للتمسك بالجذور.

*هل الفلسفة رحلة أيضاً؟

-نعم ، عندما نتفلسف ، فنحن نسعى دائماً الى البحث ولانستقر على يقين ..الفلسفة تحركنا. سقراط ويسوع وبوذا ، أساتذتي الروحيين الثلاثة العظماء ، لديهم الكثير من القواسم المشتركة. بادئ ذي بدء ، لم يكتبوا أي شيء ، لأن الكتابة تجمد الأشياء. وبعد ذلك ، تنقلوا جميعاً كثيراً: ظل سقراط يتجول في شوارع أثينا ؛ وكان بوذا يسير في شمالي الهند ؛ وجاب يسوع جميع أنحاء فلسطين وآمن أن الإنسان ليس له مكان محدد ليستقر فيه، فالتنقل هو وسيلة للتعبيربطريقة رمزية ..لا ينبغي عليك أبداً إذن أن تجمد تفكيرك بل أن تتعلم مغادرة منطقة الاستقرارالخاصة بك ، والخروج لمقابلة المجهول. يجب أن يكون الفكر دائماً في حالة حركة. لهذا فانا أمارس الفلسفة أثناء المشي. حقيقة ..المشي يساعدني على تنظيم الأفكار.

* أثناء رحلتك ، أنت تجعلنا نكتشف علاقات مختلفة مع "المقدس ". ماهو المقدس برأيك؟

- لقد تعودت الأديان على فصل المقدس عن المدنس. في العالم الحديث ، قمنا بعلمنة هذا التمييز. فنحن نعتقد ، على سبيل المثال ، أن هناك قيماً أعلى مثل حقوق الإنسان أو الديمقراطية. وباختصار ، هنالك قيم مطلقة تتفوق على البقية. ومع ذلك ، في نظري ، المقدس ليس منفصلاً. لدي تعريف أنثروبولوجي للمقدس: إنه الشعور العام الذي يختبره المرء أمام جمال العالم وسر الحياة. أمام اتساع الكون وجماله ، وأنا أسأل نفسي أحياناً : ما معنى الحياة؟ ماذا يجب أن أفعل؟ إلخ ..لقد كنت في كثير من الأحيان استسلم للبكاء من جمال الطبيعة وهو مادفعني إلى التساؤل ميتافيزيقياً. إن الشعور بالمقدس هو شعور عالمي ولا يزال موجوداً في كل واحد منا..

* لكن هل حافظت الأديان على هذا الشعور بالمقدس؟

- لقد تم تخفيف المقدس في البيروقراطية الدينية. هذا هو السبب في أننا لم نعد نعرف لماذا نمارس هذه الطقوس أو تلك. إن دور الصوفي ، حسب برغسون ، هو إحياء الشعور بالمقدس. والمقدس لا يرتبط بالعقيدة الدينية. الإلحاد مثلا يتعارض مع الدين ، ولكن ليس الروحاني أو الشعور بالمقدس. خلال رحلتي ، التقيت بأشخاص لديهم هذا الإحساس بالمقدس دون أن يكونوا متدينين.

*هل تعتقد أن الغرب يعاني من أزمة روحية؟

- كثير من الناس في الغرب يجدون صعوبة في الوصول إلى الروحانيات. التأمل هو الحل لأنه يسمح لك بالعثور على المشاعر الداخلية وفهم الأنا. الفلسفة شيء آخر. كانت الفلسفة في العصور القديمة تجربة روحية تتمثل في اكتساب الحكمة لعيش حياة طيبة بأقصى قدر من الوضوح.

*اليوم يمارس العديد من الناس التأمل ..ما رأيك في حركة التطوير الشخصي هذه؟

- من الواضح أنه من المفيد دائماً ممارسة التأمل لأنه يسمح لك بخلق هدوء داخلي . يجب أن يكون التأمل بدون هدف وبدون توقع فهذه هي الطريقة التي تساعد الفرد على التقدم في جميع مجالات حياته.

*هل الأزمة التي نمر بها هي شكل من أشكال التقشف أم الزهد؟

- لقد غيرت هذه الأزمة أسلوب حياتنا بشكل عميق. كان علينا إعادة خلق التجارب الإيجابية. يمكن للمرء أن يتكيف مع أشياء كثيرة. وقد رأى البعض في ذلك فرصة لتغيير أسلوب حياتهم بينما شكك آخرون في معنى وجودهم . كان الحظرالأول نوعاً من التجربة السحرية أما اليوم فالأمر مختلف إذ نشعر بتعب أخلاقي متزايد بسبب نقص الحريات التي تثقل كاهلنا.

*هل يمكن أن يساعدنا التأمل بطريقة ملموسة للغاية للتغلب على هذه الأزمة أخلاقياً؟

- التأمل هو مدرسة حكمة تعلمنا ألا نجعل سعادتنا تعتمد على أحداث لا يمكن السيطرة عليها. وهذا يسمح لنا بإلقاء نظرة أخرى على العالم والأشياء. قبل كل شيء ، يسمح لنا بالحفاظ على الصفاء والفرح ، والبحث داخل أنفسنا عن الموارد اللازمة للحفاظ على الروح المعنوية في مواجهة موقف محبط.

*يمكننا إذن أن نكون سعداء في وقت مثل هذا؟

- يمكننا ذلك دون أن يعتبر لامبالاة من قبلنا. سوء حظ المرء – على سبيل المثال - لن يغير مصيبة العالم. بينما سعادتي وسلمي الداخلي لهما تأثير على الآخرين. تجربتي في المتعة والفرح يمكن أن تساعد الآخرين ، لأن السعادة والفرح معديان، فلا تشعر بالذنب حيال كونك بخير في عالم يمر بأزمة. لكن عليك أيضاً أن تظل منتبهاً للآخرين مع العلم أنه لا يمكنك مساعدتهم إلا إذا كنت في سلام. إنه يشبه إلى حد ما مهمة كوادر الرعاية الطبية فاذا كانوا مستائين ، فلن يكونوا قادرين على مساعدة الآخرين بشكل صحيح..

عن صحيفة ( ايكو) الفرنسية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أوس الخفاجي: إيران سمحت باستهداف نصر الله وسقوط سوريا

عقوبات قانونية "مشددة" لمنع الاعتداء على الأطباء.. غياب الرادع يفاقم المآسي

مدير الكمارك السابق يخرج عن صمته: دخلاء على مهنة الصحافة يحاولون النيل مني

هزة أرضية جنوب أربيل

مسعود بارزاني يوجه رسالة إلى الحكومة السورية الجديدة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر

حينَ تَشْتَبِكُ الأقاويلُ

ملعون دوستويفسكي.. رواية مغمورة في الواقع الأفغاني

مقالات ذات صلة

علم القصة - الذكاء السردي
عام

علم القصة - الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الثاني (الأخير)منطق الفلاسفةظهر الفلاسفة منذ أكثر من خمسة آلاف عام في كلّ أنحاء العالم. ظهروا في سومر الرافدينية، وخلال حكم السلالة الخامسة في مصر الفرعونية، وفي بلاد الهند إبان العصر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram