إياد الصالحي
من الصعب أن تجد تفسيراً مقنعاً لما يجري في عُقْر نادي الطلبة الرياضي ومن حوله في ظلّ زيادة أعداد معارضي إدارة علاء كاظم، ومُجاهرة بعض زملائه بوجود ملفّات خروق مالية وإدارية أمام هيئة النزاهة، وتعاظم سُخط الجمهور المقاطع لمباريات الفريق في دوري الكرة الممتاز، كل ذلك لم يهزّ كرسي الرئيس الذي يواصل حُكمه على مقدّرات النادي حتى انتهاء مدّته الشرعية مع حلول موعد الانتخابات المقبلة أيار عام 2022.
إن مفهوم المعارضة في مجتمع الأندية الرياضية العراقية لتهيئة انقلاب ضد رئيس نادٍ ما غالباً ما يستند الى تقهقر الفريق في بطولة عريقة مثل دوري كرة القدم، وتتم عملية تحشيد الجمهور كلّما واجه نتائج صادمة ومخيّبة، وكأنّ المقياس الحقيقي هو مواصلة تسجيل النقاط والاحتفاظ بمركز متقدّم في اللائحة النهائية، وهذه النظرة القاصِرة زادت من تمادي رئيس نادي الطلبة في عنادهِ بعدم إخلاء موقعه، ولم يلتفت المعارضون الى ملفّات أكثر أهمية من مراقبة حظوظ الأنيق في الدوري!
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي (الأم) مالِكة لنادي الطلبة منذ تأسيسه يوم 17 كانون الأول عام 1969 بمسمّى (الجامعة) حيث سبقت التأسيس أربع سنوات من العمل الفني لثلاثي التدريب (غني عسكر ومساعديه مؤيد البدري وسامي الصفار) في بطولة الجمهورية، قبل أن يُسمح له بالمشاركة في دوري الأضواء عام 1970 "استثناء" من التدرّج الوجوبي حسب منافسات أدوار التأهيل المتعارف في الدوريات الأدنى فصعوداً، وظلّت رعاية الوزارة له حتى ما بعد عام 2003 بدعم متفاوت من دون أن نجد أي تفسير لصمتها اليوم إزاء ما يجري لإدارته! ولو بحثنا عن السبب سنتبيّن وجوهاً عدة من الحقيقة.
منذ أيار 2018 تاريخ تجديد الثقة بإدارة نادي الطلبة كرئيس بلا منافس بـ 130 صوت من مجموع 168عضو في الهيئة العامة، بدأت مرحلة انعدام الثقة بين الوزارة والنادي، فالنادي منذ تولي علاء كاظم رئاسته يوم 15 آذار 2007 لم يشهد أي تطوير في بناه التحتيّة، بدليل أن قطعة الأرض المشيدّ عليها مقر النادي في حي القاهرة ببغداد - تعود ملكيتها لوزارة التعليم العالي - تفتقر الى مقوّمات الأندية الحديثة، وتعثّر إعماره منذ أواسط عام 2015 مقابل استمرار الإدارة بإنفاق ملايين الدنانير على عقود لاعبي الكرة حتى غرقت في الديون وتعرّضت للاستدعاء أمام المحاكم المحلية لاسترداد حقوق بعض المدربين واللاعبين.
الأمر الآخر، بروز معارضة شديدة من أبناء النادي ضد زميلهم علاء كاظم وهي أشدّ حالات التعارض لما تتركه من آثار نفسية تجعل الأخير يعيش دوّامة المؤامرة لإخراجه عنوة، في حين لو اِختلى مع نفسه قليلاً وتتبّع بدايات تسلّمه الموقع لعرف أن هناك رغبة من زملائه لخلافته ليس لأنه ندّهم، بل لكونه لم يعتزل رسمياً حتى أواخر ما بعد فوزه بالرئاسة وكان يُشاركهم اللعب حتى منتصف عام 2007، لهذا فإن مدة اشتغاله في الإدارة دخلت السنة الرابعة عشرة، وهم أيضاً من حقّهم أن يمارسوا العمل الإداري بعد اعتزالهم منذ سنوات، وكان ينبغي أن يكون شفافاً في تفهّم هذه الرغبة دون تحسّس أو اتخاذ موقف متشدّد، الأمر الذي وصل زميله يونس محمود صاحب الشعبية الجارفة الى اليأس من وعود اتفاقاته وتوجّه لتأسيس نادي الجامعة ليستشعر بقيمة خدمة الطلاب في كيان ثانٍ.
القضية الأكثر إثارة في أزمة الطلبة هي مبلغ الـ 400 مليون دينار التي ظلّ يطالب علاء كاظم بها منذ تموز 2018 لسدّ الديون كشرط وحيد لتوقيع استقالته، بينما كشف علي وهيب أحد أبرز لاعبي الطلبة لبرنامج (كوورة) مع الزميل علي سالم، أن هناك مبلغاً يقدّر بـ 350 ألف دولار منحها مرشح النادي محمود السعدي مقابل حصوله على كتاب تمثيله في انتخابات اتحاد كرة القدم التي جرت يوم 18 حزيران 2011، وطالبه وهيب بالكشف عن تفاصيل الموضوع! فضلاً عن تلويح زميله باسم عباس بملف خروق يضم أوراق اختلاس وتزوير وعقود فيها مشاكل كبيرة أتجه بها الى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها، وقبله اضطر زميله الآخر مهدي كريم لإحضار مبلغ 60 مليون دينار في البرنامج نفسه مع إقرار منه بإعادته الى خزينة النادي في حالة استقالة إدارة علاء كتحدٍ منه إثر خلاف مادي أفسد الود بينهما.
شهادات أبناء الطلبة تستدعي وقفة جادة من وزارة التعليم العالي لبسط صلاحياتها القانونية والإدارية كونها الجهة المسؤولة عن النادي الذي يواجه خطر الهبوط الى الدرجة الأولى إذا ما استمرّ تقهقره في أواخر الترتيب ضمن لائحة الدوري الممتاز في ظلّ ورطة مدربه حسن أحمد الذي لم يُحسن اختيار وجهته الفنية بعد إنهاء عمله مع فريق النجف بعكس عديد المدربين الذين يتمهّلون في قبول العروض حفاظاً على تاريخهم!
مَن ينقذ الطلبة من محنته الكبيرة وقد سأمت جماهيره رسوبه في كل الاختبارات؟!