ناجح المعموري
اطلعت ضمن اهتمامي بالتخيلات على كتاب مهم للغاية للباحث غير معروف " تشالز تايلر / المتخيلات الاجتماعية الحديثة /
ت : الحارث النبهان / مراجعة ثائر ديب / صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات / يضم هذا الجهد العلمي الرصين تنوعات اجتماعية ، وسياسية ، تعامل معها استجابة لما تعرضه الحداثة وتأثيرها على الحياة العامة وأشار الى أن إشكالية علم الاجتماع الآن هي الحداثة ، واعتقد بأن ما يعنيه بالإشكالية هي المنافذ التي تتسلل منها الحداثة الهادئة ، والعنيفة والتي توصف بالسائد المقبول والحاضر الذي اعتادت عليه الأفراد والجماعات والتي أطلق عليها تشالز المجتمعات لكننا إذا أردنا توظيف هذا العمل نذهب نحو الجماعات التي تتمظهر فيها القرى الكبيرة ذات الخصائص المميزة بنفسها عن غيرها من القرى أو القبائل الأكبر قليلاً والأصغر . ومعروف بأن الحداثة هي رياح هادئة تخترق الجغرافيات وتخصبها وتخلخل الثابت منها .
تحصل تآكلات في الحضور الجمعي وتتسلل إليه عديد من القيم والاعتبارات والمعتقدات وتغزو الظواهر الثابتة عناصر جديدة مغايرة في الثوابت وخصوصاً بالمائدة / الطعام ، هذا يعني وجود منتوجات أو مستوردات هي بعض من روافد الحداثة ولعل الأزياء أبرز ما هو طارئ على السلوك العام ، لكن التحول غير سريع ، بل هو بطيء ، يتمظهر على الأفراد المقنعة بالوصفات التي تزاول تغيرات جوهرية على الجسد الخاص بالمذكر أو المؤنث ، هذه آليات الحداثة الوافدة التي تغزو الأسواق وبأسعار مساعدة على الاقتناء .
السؤال الذي يتبادر للذهن ونحن لا نؤكد على الوافد الحداثي . هل هذه التبديات فردية أم جمعية ؟ معلوم بأنها تبدأ فردية لأن السائد مكرس حضوره ، والقبول به مستمر عبر سنوات عديدة ، حتى تتحول الى جزء من خزان الذاكرة الذين ارتضوه الأفراد وتعاملوا معه باعتباره ثقافة موروثة فيها تمثيل للأسلاف . بما يمكن أن نثيره أيضا هو هل الجديد الوافد يمتلك قاعدة قوية من الرواسب في خزان الذاكرة يساعده على المثول والمقاومة ، حتى تتحول بالتالي الى قوة ثقافية .
قال تشارلز تايلر : إن المفهوم الجديد ، مفهوم النظام الأخلاقي للمجتمع ، أمر مركزي في الحداثة (.....) وكان هذا في البداية مجرد فكرة في أذهان بعض المفكرين من أصحاب التأثير الواسع ، لكنه صار ، في الوقت اللاحق يشكّل المخيلة الاجتماعية لشرائح اجتماعية واسعة ، ومن ثم لمجتمعات بأسرها في آخر المطاف . وصار من الواضح بذاته لنا الآن إننا نجد صعوبة في النظر إليه ، باعتباره مجرد مفهوم محتمل من بين مفاهيم محتملة متعددة ، وانتقال هذه النظرة الى النظام الأخلاقي الى متخيلنا الاجتماعي يعني قيام أشكال اجتماعية بعينها هي تلك الأشكال التي تقصف حداثتنا الغربية لها من حيث الأساس / تشارلز تايلر / المتخيلات الاجتماعية الحديثة : ت : الحارث النيهان .
إن ما يحصل في مواقف الأفراد والجماعات من متغيرات هي تبدلات ثقافية بليغة وعميقة وبروزها في التبادل والتعامل ، يمثل تحولاً في فعالية المتخيلات المجتمعية ، ليس هذا فقط ، وإنما وجود وعي قادر على فهم وقبول مفروضاته في الحياة العامة . وأنا اعتقد بأن المخيال هو الفاعل الثقافي / والاجتماعي ، الفاعل في التحولات وكذلك هو البناء الذي يخضع كل ما هو ثابت / راسخ للزعزعة وفي مثل هذه الحالة ، تكون الرغبة في إجراء الحفرات ذات قوة ، توفرت لها كوامن في مكونات الأفراد ، يحدث ما يشبه الثورة ، التي لا أعني بها المفهوم السياسي بل هي الخارج عن المقبول به لفترة طويلة . هذا هو دور المخيال في تكوين صورة الجماعة ورسم حدودها وقبول ممكنات التحول الظاهر عليها ، ومثل هذا التغير عتبة مهمة وجوهرية تختزل الخزان الاجتماعي الكامن بالذاكرة وتسمح له بالتأثير المطلوب اعتباطاً ، لأن الأفراد ترى من بعيد وتستلم بهدوء وليونة . ومثلما قال تشارلز تايلر : لدى الأفراد والجماعات حقوق طبيعية وهي أصلاً . واجبات أخلاقية محددة ، كل إزاء الآخر والأهداف المشتركة هي منافع مشتركة محددة يكون الأمن هو الأكثر أهمية بينها جميعاً .
وما يفيدنا بهذا المجال الحساس ، ويكرس ما ذهبنا اليه ما اختصره د. عبد الغني عماد عندما قال : الجسد بحاجة الى الجمالية أكثر من المتانة وواضح ما نعني بالمتانة وهي معيار معتمد كأساس لجمال الأنثى لدى بعض الجماعات .
