محمد حمدي
ربّما من قبيل الصدفة فقط أن يتزامن إعلان المدرب كاتانيتش الذي نقله المدير الإداري باسل كوركيس بشأن إعادة استدعاء أربعة لاعبين مغتربين الى صفوف المنتخب وهم أحمد ياسين وبروا نوري وأسامة رشيد وجستن ميرام، أن يتوافق مع هذا الإعلان اعتذار اللاعب المغترب مهند جعاز
الذي كشف عن سبب عدم تمثيله للمنتخب الوطني في الاستحقاقات المقبلة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي بقوله "لم أرفض تمثيل المنتخب الوطني، أريد فقط التركيز مع فريقي (هاماربي) السويدي للاستعداد للموسم القادم" وانه أي جعاز يشعر بالفخر عندما يرتدي قميص المنتخب العراقي على خلاف ما أعلنه كوركيس، المدير الإداري عن رفض اللاعب محترف النادي المذكور، تمثيل المنتخب خلال الاستحقاقات المقبل!
إعلان كوركيس هذا أعاد الى الواجهة صفحة مملّة من الجدل العقيم الذي لا يخلو من التهجّم على اللاعب المغترب من قبل بعض اللاعبين الدوليين السابقين مع كيل الاتهامات الرخيصة بحقّهم في اسطوانة بدت مُعادة ولا موجب لها، الى الحدّ الذي يصفهم أحد هؤلاء بالقول إنهم لا يجارون اللاعب المحلي وإن تواجدهم مثلبة على المنتخب الذي يمثلونه بجواز السفر فقط .
الحقيقة أن هذا الحديث المعاصر لدينا نظراً لحداثة تمثيل المغتربين وقد استهلكته دول العالم من حولنا، ووصلت عصر التجنيس والبحث عن المواهب، وليس مجرد انتظار أبناء البلد الأصلاء الذين دفعتهم ظروفهم وأهاليهم الى الهجرة لأسباب معروفة، وأنا هنا لا أريد الدفاع عنهم بالإنابة أولاً وثانياً أن الساحة لمن يجتهد ويبدع ويقدّم لفريق الوطن الأول مستوى يليق بالتمثيل والتشريف.
والحقيقة إن الحديث لا يمس المغتربين من اللاعبين، بل يصل أيضاً الى المحترفين أحياناً وقد شهدنا دعوات متكرّرة باعتماد اللاعب المحلي فقط في نظرة تراجعية قديمة جداً لا تواكب ما نحن فيه الآن لأن التشكيلة تلعب برمّتها ولمن يستحق التمثيل فعلاً أياً كان مكانه مع الاعتراف بأن اللاعب الذي ينتظم في دوريات عالمية كبيرة هو الأفضل في الإعداد والخبرة بالتأكيد لأسباب معروفة وتخضع للمقارنة!
ومثال خليط اللاعبين المحلّيين والمغتربين، طبقته عدّة دول عربية، ومنها منتخبنا الوطني العراق أيضاً، وعلى سبيل المثال الجزائر المعروفة بدوري الكرة القوي المنتظم يوم دعمت المنتخب الوطني الجزائري بـ 14 لاعباً مُغترباً في أوروبا، لبّوا نداء الوطن وقدّموا مستويات مشرّفة جداً للعرب وأفريقيا ونجوم يشار اليهم من صفوة اللاعبين في العالم، وكان يُمكن للرقم أن يرتفع إلى 18 لاعباً جزائرياً مُغترباً.
ومثلهم فعلت المغرب ومصر والأردن ودول أفريقية كثيرة مثل الكاميرون وغانا وساحل العاج ونيجيريا.
ولم نسمع بعد ذلك ما يقال عن الاختلافات الرئيسية بين اللاعب العربي المحلي والمغترب، بل إن الحال تجاوز كرة القدم الى بقية الألعاب الفردية والجماعية أيضاً طالما كان من يمثل البلد هو من أصوله المعروفة، ويقيناً لدينا الكثير من الأبطال بحكم الهجرة الواسعة، وهناك أبطال ملاكمة وربّاعين مثّلوا منتخبات فنلندا والولايات المتحدة، ومصارعين في فرنسا والسويد وسويسرا نعرفهم بأسمائهم وانجازاتهم، وسبّاحين، وأبطال ألعاب قوى في استراليا وكندا أهمِلوا وصاروا يمثّلون الغير، فيما نحن نخوض بحديث المغترب والمحلّي وننشد بعد ذلك الحصول على ميدالية أولمبية!
إنها دعوة خالصة أيها الأخوة أن تتعاملوا بروحكم العراقية الأصيلة ونخوتكم لأهلكم هناك، فكلّنا لدينا أخوة وأعزّاء يعيشون في المهجر، ويتوقّون للحظة تمثيل العراق بلدهم الحبيب.