عبدالله السكوتييحكى ان الحاج عباس قوزي كان من قراء المراثي خصوصا مراثي الامام الحسين، وكان علية القوم يتسابقون الى دعوته لاحياء ذكرى استشهاد الحسين، ومجلسه من اعظم المجالس الحافلة بالناس آنذاك، وعرف عباس قوزي بالانقطاع الى (آل كبة) في ذلك الحين حتى ان عميدهم وهو الحاج مصطفى لما كان يسافر الى اوربا، كان الحاج قوزي من ضمن حاشيته،
وحدث ان اعتقلت الحكومة العثمانية الحاج عباس قوزي، ونفته الى الاناضول، ومكث هناك حينا قيد السجن، ثم توسط في امره آل كبة وآخرون من اعيان بغداد، فاطلق سراحه، وعاد الى بغداد بعد مشقة عاناها في اعصابه، فاحدثت فيها خللا، فتضعضعت منزلته، وتغافل عنه من كان بصحبتهم من علية القوم ؛ فاخذ يقيم مجالس العزاء في دور متواضعة، وحدث ان كان يوما يقيم مجلسا في دار حلاق اسمه (شنون)، فتحدث عن فعل الدنيا بالناس، وعن تقلب احوالهم، ثم قال: تصوروا ان مجلسي كان في دار فلان وفلان وعدد اسماء قوم من اعيان بغداد، اما الان فان عباس قوزي (يعني نفسه) يقيم مجلس العزاء في دار شنون المزين، وهذا من صنع الدنيا. وصنع الدنيا اكثر من ذلك فهي كما يقولون: (تنزل ناس وتصعد ناس) والذي تراه في السلطة اليوم لن تراه غدا اذا ما اتبعنا بشكل صحيح الطريق الديمقراطي في تداول السلطة خلافا لما كان يجري سابقا من احتكار يصل حد التربع على الجراح والالام ومصادرة الشعب بالكامل ؛لقد ارتقى كثيرون على جراح الكثيرين وصاروا طغاة واباطرة ولذا عبد الناس الجاه والمنصب ولاترى احدا لفائدة او شعور وطني يستطيع ان يتنازل عن ذاتيته الضيقة ويخرج مغادرا منصبه برحابة صدر تاركا الفرصة لغيره عله ينجز مالم ينجزه هو، اما اذا حدث وغادر هذا المنصب فانه سيتذمر ويشكو الزمان ويجعل صنع الدنيا ان انزله الدهر عن صهوة جواده، وطالما قرأنا الكثير عن الشكوى من الزمان، والتظلم من افعاله غير المتزنة، فهذا الطغرائي يقول:اهبت بالحظ لو ناديت مستمعا/ والحظ عني بالجهال في شغلفان علاني من دوني فلاعجب/ لي اسوة بانحطاط الشمس عن زحل وهكذا فشكوى الشعراء الكسالى من الزمان كثيرة وتملأ بطون الكتب، لاترى زمنا من الازمان يمر حتى ترى اتباعه يتحسرون لما آلت اليه الامور، وما اصبح عليه حال الناس، طبعا هذا الكلام للمفلسين الذين لايمتلكون سوى الشكوى، وهناك من يتمثل امر الشعب او يعتنق فكرا ثوريا، يجمع له الاتباع ويغير بطريق الثورة، هذا لايمكن النيل منه لانه طريق مشروع وهو غالبا مايكون منهجا للفقراء في تغيير ماهم عليه ؛ هذه ارادة شعبية اما حين تكون المسألة متعلقة باشخاص ومصالح اشخاص، فهي تمثل نزعة في حب التملك وعبادة السلطة ايا كان مدعيها.المهم نحن نسلك سلوكا ديمقراطيا ولم تحسم قضية تشكيل الحكومة حتى الان وهناك اصوات علت من خارج العراق تتهم فلانا وفلانا والغريب في الامر ان هذه الاصوات صدرت من بلدان امتطت شعوبها منذ زمان بعيد ولم تعرف مصطلح الديمقراطية في حياتها، وفي هذا نقول: (من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بحجر).rn
هواء فـي شبك: هذا من صنع الدنيا
نشر في: 18 مايو, 2010: 09:35 م