المدى/ حسين العامل (في ناحية الفهود الإصابة بالسرطان طريق معبدة إلى الموت) بهذه العبارة استهل المواطن علي حسين فنجان (60) عاما حديثه عن استشراء مرض السرطان في مدينته المتاخمة لأهوار الناصرية. فناحية الفهود حيث يقيم فنجان الذي فقد ساقه اليمنى من جراء الإصابة بالسرطان ما زالت تفتقر إلى جميع الإمكانات الطبية الكفيلة بعلاج المصابين بالمرض المذكور رغم تزايد معدلات الإصابة بين السكان المحليين.
يشير فنجان وهو يتحدث من على كرسي للمقعدين إلى انه ومنذ عام 2003 أجرى أربع عمليات جراحية لبتر أجزاء مصابة بالسرطان من جسده وذلك في مستشفيات العاصمة بغداد، لافتا إلى أن أجزاء أخرى من جسده ما زالت مصابة بالمرض لكن عوزه وضيق ذات اليد حال دون استكمال مراحل العلاج اللاحقة التي باتت تتطلب المزيد من النفقات التي لا تسمح إمكانياته المالية المتاحة بتغطيتها، منوها إلى انه ورغم ما أصابه من أضرار جسدية جسيمة لم يتمكن حتى من الحصول على منحة الرعاية الاجتماعية المخصصة للعاطلين عن العمل والمرضى من أمثاله. وتقول المواطنة ليلوة عبد السادة (58) عاما وهي تتحدث من على فراش المرض في غرفتها المتواضعة:إن الأورام السرطانية أخذت تنتشر في أجزاء متعددة من جسدها بعد أن كانت تقتصر في بادئ الأمر على أورام في العنق والغدد اللمفوية وقالت بعد أن فرغت من نوبة بكاء مؤلمة:"ما زالت مراجعاتي مستمرة إلى بغداد والمحافظات الأخرى لكن دون نتيجة".ويقول زوجها كاظم حسن انه استنفذ كل ما يملك من أموال ولجأ إلى بيع أثاث بيته لعلاج زوجته لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة على ما يبدو. مشيرا إلى أن الأطباء في ناحية الفهود ومدينة الناصرية لم يتمكنوا من تشخيص مرض زوجته في بادئ الأمر وأنه اضطر من جراء ذلك إلى السفر باتجاه بغداد حيث تم تشخيص المرض بعد فوات الأوان. ويؤكد المواطن كريم هاشم (مصاب بورم سرطاني بالدماغ) ما ذهب إليه المصدر السابق حول ضعف الإمكانيات الطبية والعلاجية في مدينة الناصرية والوحدات الإدارية التابعة قائلا:"إن إصابته بسرطان الدماغ تسببت بعجز عضوي في أعضاء مختلفة من أنحاء جسده وإن الأطباء لم يتمكنوا من تشخيص حالته في بادئ الأمر رغم الفحوص الطبية المتكررة في أجهزة المفراس والرنين منوها إلى أن تشخيص حالته المرضية لم يتم إلا بعد مراجعة المستشفيات في مدينة البصرة حيث أخبره الطبيب المختص بوجود أورام سرطانية في الدماغ وتقرر رفعها بعملية معقدة.ويقول والده هاشم العامري أنه وعلى مدى أعوامه الستين التي قضاها في مدينة الفهود لم يشهد مثل هذه الأعداد الكبيرة من الإصابة بأمراض السرطان لافتا إلى أن الإصابات بالمرض المذكور أخذت تتفشى بصورة واسعة بعد عام 1991 حيث تعرضت ناحية الفهود إلى قصف جوي من قبل القوات الأمريكية استخدمت فيه القنابل العنقودية والصواريخ التي يدخل في تركيبتها اليورانيوم المنضب الذي يعتقد انه احد أهم أسباب انتشار الإصابة بالسرطان في المنطقة. ويصف رئيس المجلس البلدي في ناحية الفهود صفاء الجابري مدينته التي لا يتجاوز عدد سكانها الـ 45 ألف نسمة بالمنكوبة بوباء السرطان الناجم عن المخلفات الحربية الملوثة بالإشعاع.حيث يشير إلى تسجيل 380 حالة وفاة بالمرض المذكور في مركز ناحية الفهود والقرى التابعة لها منذ اندلاع حرب الخليج الأولى 1991 وحتى الآن.وأكد الجابري للمدى تسجيل 50 حالة إصابة حديثة بمرض السرطان مؤخرا لافتا إلى أن الإصابات بالمرض أخذت تتفاقم في الآونة الأخيرة منوها إلى أن أعداد المصابين المسجلين حتى الآن لا تمثل الحجم الحقيقي للإصابات في الناحية التي تعاني من الفقر وارتفاع معدلات البطالة مشيرا إلى وجود الكثير من المرضى ممن يتحفظون على الإعلان عن إصابتهم بالمرض المذكور ولأسباب متعددة.
مكابدات مرضى السرطان فـي ناحية الفهود بالناصرية
نشر في: 18 مايو, 2010: 10:10 م