عباس الحسيني
إنها المرأة الفرنسية التي فجرت الثورة في الملبس والزي النسائي، والتي تبعتها ثورات مقلدة ، بدأت شانيل رحلتها بالتركيز على البنطلون النسائي trouser ومنه انقذت الأنوثة مما كان يعرف بالمشد النسائي corset،
جعلت شانيل من الموروث الفني غاية جمالية ، فابتدعت جماليات الجيوب pocket وابتدعت الللون المصاحب ووضعت معايير فنية واصطلاحات خاصة في عالم الأزياء. التثوير الاجتماعي نتج عن هدف جمالي خطته شانيل على مغلفها الأول ، بقولها : مع الزي البراق ، لابد من ارتداء العطر ، وهكذا حققت شانيل ثورة أخرى في طبيعة العطور perfume لتكون ذات دلالات موسمية ومكانية ، وراحت تركز على منطقة الوسط التي تركت بصمتها فيها تصاميم العهد الباروكي ، في جعل الثياب منتفخة وذات طغيان برجوازي لإحداث التعالي الطبقي في النسيج والتصميم واللون والعطر. تنبهت شانيل الى البساطة في التصميم مع دقة المنحيات وجعل خيوط الصناع بارزة للعيان كجمال إضافي . ومع الأخذ بنظر الاعتبار عموم الثورة الجمالية لباريس الأربعينيات والخمسينيات للخروج من صدى الحرب الى فخامة السلام والطمأنينة. ومع السؤال الذي يطرحه محللو الأزياء: لِمَ يبدو الفرنسي أنيقاً دوماً؟ وهي ميزة إرث إمبراطوري وملكي تمثلت في إيحاءات لويس السادس عشر والمرحلة النابليونية ، في ضرورة أن يكون الفرنسي مميزاً حتى في ساحات الحرب، حيث البهرجة اللونية لأزياء الجنود والطباخين والمسعفين والأطباء والأكاديميين، وإذا ذكرت الأنوثة ، ذكرت شانيل التي أعطت الرجولة مقاييس الثنيات على البنطلون كسمة تمييز ، كما يشير ميرين ارزالوز مدير متحف الأزياء والمؤرخ الخصب لحقب الثورات الفرنسية في عالم الأزياء والعطور .
ومع تطور الأدب خطت شانيل الى القمة بإحالة تجميعات الطبيعة اللونية في عناق الأشجار والزهور والمنحنيات النباتية لتكون على واجهة ثورتها التصميمية ، مضيفة إليها طابع الرسم التجريدي ، المعبر عن اللا دراية، وعن المكبوت المشاعري للأفراد ، في حقيقة التميز بتشكيل خارجي يرسم معالم الشخصية وطبيعتها واتجاهاتها ضمن عالم متمدن، لكنه ماكر ومتحول.