علي حسين
انتهيت من قراءة كتاب ممتع بعنوان "كان صرحاً من خيال" لكاتبه اللبناني الأصل سليم نصيب والذي كتب روايته بالفرنسية وحصلنا نحن على ترجمة عربية ممتعة لها، بعد 46 عاماً على رحيلها لا تزال أم كلثوم علامة من علامات الزمن الجميل، كانت للست جماهيريتها ومواطنون يرددون معها كل مساء وهي تشد على منديلها: "خذ عمري، عمري كله إلا ثواني أشوفك فيها".
في عصر أم كلثوم كانت مصر ومعها بلدان العرب تبشر بثقافة جديدة تتمرد على ثقافة الغيب، إسماعيل مظهر يترجم داروين إلى العربية، وشبلي شميل يبشر بأفكار ماركس وإنجلز، وسلامة موسى يكتب عن سوبرمان نيتشه، فيما الرصافي يكتب عن الاشتراكية بأنها: "وعد بمجتمع، لا سيد فيه ولا مسود، يأخذ كل من فيه حقه بغير زيادة، ويعطي فيه كل حقوق الآخرين بغير بخس"، في ذلك الوقت أصر الزهاوي على أن يقود معركة "السفور" إلى النهاية وهو يردد: مزّقي يا ابنــــة العـــراق الحجابــــا..
اليوم نتذكر درس أم كلثوم عن الحب والفرح والمسرة، حين نجد من يسخر من تاريخ بلاده، ويصر على أن العراقيين شعب خامل كان من الأفضل لهم أن يرضوا بالمقسوم، ولا يورطوا أنفسهم في الاحتجاج والثورة على الأوضاع، ولا تزال الأحزاب "المؤمنة" تقول للشعب: الصبر جميل.
كل يوم يخرج علينا " سياسي " ليحذر هذا الشعب من الفوضى التي ستعم البلاد إذا ما استمرت الناس تطالب بالعدالة والخدمات والأمان، ونجد السادة النواب يتمنون على جميع العراقيين الغيارى أن يتحلوا بالصبر والهدوء.
ماذا تشعر عزيزي القارئ وأنت تسمع مثل هذه " الخرافات ؟، أنا شعرت بانقباض، فما يزال البعضنون يجلس على كرسيّه اللماع ويتعامل مع الجميع على أنه الحاكم الأوحد لهذه البلاد، الجميع يجب ان يطوف حول كرسيه يطلبون الرضا والنصيحة،.. مسؤول وسياسي يقول لنا صباح كل يوم، ماذا يعني إن فشلنا خلال السبعة عشر سنة الماضية؟ إمنحونا سبع عشرة عاماً جديدة، وعليكم أن تتحملونا قليلاً، ولكن ياسيدي، لماذا دائماً على الناس أن تتحمل وتصبر؟، وهل هناك صبر أكثر في بلاد تعُد من أغنى البلدان، لكنها اليوم تستجدي المساعدات مرة من الكويت، وأخرى من تركيا، وفي انتظار أن تعطف علينا الصومال؟.هل هناك من صبر اكثر من ان يتحول التغيير والى صرح من خيال .
بعد 17 عاماً يبدو أن التغيير الحقيقي صار خيالا ، واكتشف المواطن "المغلوب على أمره" أن ما جرى خلال السنوات الماضية ليس مقطوع الصلة بما جرى أيام حقبة "القائد الضرورة" .
فمن يغني للسياسي العراقي " للصبر حدود " ، ويطالبه بان يدفع ثمن تحويل احىم وامال الناس الى خيال.
جميع التعليقات 1
صبريه
ما تصبرنيش بكلام ووعود———- انا صبريه ومليت