TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مقاومة كورونا بالصواريخ!!

العمود الثامن: مقاومة كورونا بالصواريخ!!

نشر في: 16 فبراير, 2021: 10:17 م

 علي حسين

منذ أن قررت قبل اثني عشر عاماً أن أحتل هذه المساحة في الصحيفة، وأتحول من خلالها إلى "حاقد" على التجربة السياسية "العملاقة"!، تلاحقه الدعاوى القضائية ، وأنا لديّ مشكلة أساسية مع ما يقوله "السياسي العراقي"، وتراني أضحك كلما سمعت أحدهم يذرف الدمع على حال العراقيين، ويتهم الإمبريالية العالمية والماسونية بأنها وراء الخراب الذي يحيط بنا من كل الاتجاهات.

ومثل جميع كتاب الأعمدة أكتب عن أحوال البلاد، وأتابع خط سير "البرلمان"، وأسأل نفسي متى يعرف أعضاؤه "الكرام" بحال العراقيين؟، وكنت كلما أسمع مسؤولاً عراقياً وهو يتحدث عن التنمية والإعمار أضحك في سري مثل ملايين العراقيين الذين حصدوا ثمار تنميته: موت يسجل ضد مجهول.. وميزانية خاوية.. وغياب تام للخدمات.. ودولة تعجز عن توفير علاج كورونا، ومستشفيات لا تليق بالبشر، مع وفرة هائلة من اللصوص والانتهازيين.

وفي كل مرة تراودني رغبة في الفرار من " تقلبات " الساسة ، لكن ما يجري في هذه البلاد .. يضاعف من حالة الاسى والسخرية ، مثلما يضاعف فايروس كورونا الموت في صفوف العراقيين .في بلاد العجائب والغرائب يبدو المشهد شديد التناقض وموغلاً فى السخرية، جهات مسلحة تصر على أن من حقها أن تواصل لعبة إطلاق الصواريخ وأن تروع مدناً بأكملها، ومواطن يبحث عن علاج يبعد عنه شر وباء كورونا، لكن الدولة بشطارها وعياريها تدفع به وحيداً إلى أنفاق الموت التي لا يعرف أحد نهايتها.

سيقولون لك إن هذه الصواريخ لطرد الأمريكان، فاعلم أنهم يكذبون، ألم يخبروننا من قبل أن الأمريكان رحلوا، ألم يطلبوا منا كل عام أن نحتفل بيوم السيادة.. الصواريخ تطلق لأن البعض لم يشبع بعد من دماء العراقيين. الأمريكان هنا هم الشجرة التي تخفي وراءها الغاية الأهم، وهي الإجهاز على اي حلم ببناء دولة المواطنة والاستقرار والرفاهية، لأن المرء يحتاج ليكون ساذجاً تماماً، وربما غبياً لأقصى درجة، ليصدق "الأسطوانة المشروخة" التي يرددها البعض عن طرد الأميركان من العراق، فالناس تدرك جيداً أن معظم ساستنا لا ينامون قبل أن يطمئنوا على رضا السفير الأميركي.

كان أمام العراق نموذجان: الأول اليابان وسنغافورة والامارات ، التي نهضت ، لتصبح بلدانا للرفاهية والتنمية والعمل الجاد ، والثاني أفغانستان، التي حققت شيئًا واحدًا: جلد الفتيات في الشوارع. جماعتنا اختاروا النموذج الأسوأ. أهملوا الكفاءات، وأجلسوا خبراء الانتهازية على مقاعد المسؤولية.. وبدلا من ان يرتقوا بالعلم ويضعون العراق على قائمة الدول التي تنمي قدرات شبابها ، قرروا ان يرسلوا الصواريخ الى اربيل لانها مدينة أمنة .. وفي الوقت الذي كان العالم يحتفي بمسبار الامارات ، خرج علينا من يحتفي " بصواريخ " منتصف الليل .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. khalidmuften

    خفافيش الضلام ثبحث عن الفوضى في المدن الامنة بعد ان اعمى عيونهم الحقد والخراب من الاعمار والازدهار في المدن الامنة .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram