علي حسين
كان الرئيس الفرنسي الراحل فرانسو ميتران قد ارتبط بالعديد من الصداقات الأدبية، ومن أبرز أصدقائه غابريل غارسيا ماركيز، ماريو فارغاس يوسا، غراهام غرين، وفي شبابه كان صديقاً لفرانسوا مورياك وألبير كامو وهمنغواي، لكنه لم يحب سارتر، وقبله كان ديغول محاطاً بالكاتبين أندريه مالرو وفرانسوا مورياك. ولكن في الخارج كان سارتر أيضاً يقف في صف المعارضة دوماً، عيّن ميتران الفيلسوف ريجيس دوبريه مستشاراً له بعد عودته من بوليفيا، حيث كان يقاتل إلى جانب تشي غيفارا.
سيقول قارئ عزيز، يارجل مالنا ومال ميتران ونحن نعيش في ظل محمد الحلبوسي الذي يريد أن يحول البرلمان إلى دكان للامتيازات والهبات والعطايا، في الوقت الذي لايعرف المواطن أين حل الدهر بمكتبة العلامة إبراهيم الجعفري صاحب المؤلفات التي تجاوزت المئتين؟، ياعزيزي قرأت في الأخبار أن مكتبة ميتران التي تضم أربعة آلاف كتاب، سيباع قسم منها في المزاد لدعم مشاريع خيرية تتعلق بالمهجرين، وقد احتفظ ابن ميتران بمكتبة والده التي تضمّ مجموعة من الكتب النادرة عليها إهداءات ألبير كامو وماركيز وهمنغواي وعدد كبير من نجوم الأدب والفكر في القرن العشرين، وأن سعر الكتاب الواحد تجاوز الخمسة عشر ألف يورو ستوضع في صندوق لدعم الأعمال الخيرية.
كيف يسقط كبار الساسة في أوروبا وأمريكا ويذرفون الدموع أمام الفضائيات؟ في سلاح اسمه المثقفون، وليس في إنشاء جيوش إلكترونية امتلأت بها صفحات الفيسبوك، فهذا جيش تابع لحنان الفتلاوي، وهذه مجموعة تتبع نوري المالكي، وجيش إلكتروني يكره العراق ويرفع شعار اليمن اولا ، وجيش آخر يرى في المواطنة رجس من عمل الشيطان .. وجيوش تكتب قصائد المديح بالسياسيين
قال ديغول وهو يتأمل ما وصلت إليه الأمور بعد الحملة التي قادها سارتر ضده: "لم أُواجه في حياتي مدفعية بكل هذه القوة والتركيز على الهدف".
أقرأ سارتر فأرى كيف تتقدم الأمم ونحن قعود. وإذا قمنا فلكي نقاتل بعضنا البعض. دائماً محملين بأطنان من الأكاذيب وأكوام الخطب. ولا شيء سوى السبات في الجهل والتخلّف والطائفية.
ظلّ سارتر يرفع شعار "لا" لجميع أنواع الطغيان فقد ولد الإنسان حراً ليس من أجل أن يصبح رهينة لحاكم أحمق، أو مجموعة من ناقصي الخبرة الذين لم يجدوا لهم مهنة غير مهنة "جندي" متطوع في جيش الكتروني يركض وراء ما يرميه له مسؤول كبير.
منذ سنوات ونحن نعيش في أجواء سلسلة مثيرة من الانتهازية والوصولية ، وكان العراقيون يظنون أن التغيير سيجعلهم يعيشون عصرا جديدا من الأمان والرخاء، ولم يكونوا يتوقعون أنهم سيعيشون في ظل جيوش الكترونية تريد منهم ان يصفقوا للزعماء .