الانقلابات رفاقي الأعزاء بأشكال وأنواع متعددة أخطرها الانقلاب الداخلي الذي تنفذه البطانة ، بهذا الاستهلال بدأ "الحزبي المتقاعد" حديثه مع مجموعة من أصدقائه ومعارفه ، فتطرق إلى الانقلاب العسكري والآخر الأبيض ، أما الداخلي فله شواهد كثيرة في التاريخ ، تناولها أدباء وكتاب عالميون عبر أعمال روائية ومسرحية ، ، وفي التاريخ العربي القديم والمعاصر وقائع وأحداث تبين اتفاق مجموعة سواء من بطانة الملك أو السلطان على ساعة الصفر للإطاحة بصاحب العرش ، وحبسه بزنزانة منفردة إن أسعفه الحظ ، وشفقة الانقلابيين في الإبقاء على حياته ليكون عبرة لمن اعتبر.
التاريخ العربي أدى واجبه في سرد أحداث "الغدر والخيانة" والإطاحة بأصحاب العروش سواء من قبل البطانة بمساعدة الزوجات والأبناء والأحفاد ، أو من قياديين بارزين في الحزب الحاكم ، والتاريخ الذي يوصف بأنه لسان السلطة في الزمن البعيد وحتى القريب ، يحتوي على الكثير من الاحداث التي تؤكد حقيقة ما حذر منه الحزبي المتقاعد أثناء حديثه عن انقلاب البطانة.
المنطقة العربية تكاد تكون أرضا خصبة لأنواع الانقلابات الأبيض والأسود المصخم والداخلي ، ومعظم أصحاب السيادة والجلالة والسمو ، وصلوا إلى السلطة عن طريق البيان رقم واحد أو بالوراثة ، وهؤلاء أكثر تحسبا وخوفا وقلقا من تنفيذ انقلاب ضدهم ، فانصرفوا نحو تشكيل أجهزة أمنية مزودة بأحدث الأسلحة والمعدات والامتيازات لتتولى مهمة حماية البلاط والقصر الجمهوري ، وعلى الرغم من كل هذه التحوطات يبقى خطر الانقلاب الداخلي أمرا محتملا ، وخيارا لمن يجد في نفسه القدرة على أن يكون البديل ليعيد استكمال دورة التاريخ في سرد أحداث الإطاحة بحاكم ووصول آخر سرعان ما يتعرض للمصير نفسه .
في العام 1979 تم إعدام أكثر من عشرين قياديا في حزب البعث ، في خطوة وصفت وقتذاك بأنها نموذج في تنفيذ الانقلاب الداخلي ، ومنتصف عقد التسعينات انشق صهر الرئيس ، حسين كامل عن النظام وتوجه إلى الأردن ، وبعد أشهر عاد إلى العراق ليقتل برصاص أبناء العمومة ، وتلك الحادثة تناولها خبراء معنيون بالشأن العراقي ، وعدوها خطوة أولى في طريق حدوث انشقاقات مماثلة ، بإمكانها الإطاحة بالنظام عن طريق الانقلاب الداخلي .
مطلع عام ألفين وثلاثة نشرت صحيفة إماراتية مقالا لمعارض عراقي أشار فيه إلى أن استخدام القوة العسكرية للإطاحة بنظام صدام ليس خيارا صحيحا ، وعلى أصحاب هذا الرأي الانتظار لحين بروز قوة أخرى ستحقق هذا الهدف بسقف زمني لا يتجاوز أكثر من سنتين ، كاتب المقال رجح احتمال حصول متغير نتيجة تنامي إرادات وصراعات داخل الأسرة الحاكمة ،وقد يكون رأيه صائبا ،ولا سيما أن المنطقة العربية ملائمة جدا ومناسبة للانقلاب الداخلي .
في بعض الأحيان يكون الانقلاب من تدبير البطانة والمقربين من الحاكم ، لأنهم أكثر استشعارا للخطر حينما يفكر صاحب القرار بإبعادهم أو إحالتهم للقضاء ، سواء بتهم الخيانة العظمى أو سرقة المال العام ، والوقائع التاريخية تؤكد أن البطانة وتدخل النساء بالحكم كانت وراء الإطاحة بالعروش والتخطيط لتنفيذ انقلاب داخلي على حد قول الحزبي المتقاعد .
انقلاب البطانة
نشر في: 12 نوفمبر, 2012: 08:00 م
يحدث الآن
تساقط الثلوج على المرتفعات الجبلية شمال العراق خلال الأيام المقبلة
الأنواء الجوية: تسجيل 23 هزة أرضية خلال 9 أيام في نوفمبر الحالي
الأمم المتحدة تقر مشروعاً يؤكد السيادة الفلسطينية على الموارد الطبيعية المحتلة
الحرس الثوري يكشف عن “شاهد 161”.. مسيرة إيرانية جديدة مستنسخة من طائرة أميركية متطورة
التخطيط تعتمد الشفرة الإلكترونية وعلامة الجودة لملاحقة الغش التجاري وحماية المنتج المحلي
الأكثر قراءة
الرأي

الأقليات وإعادة بناء الشرعية السياسية في العراق: من المحاصصة إلى العدالة التعددية
سعد سلّوم تُظهر القراءة في التحوّلات الأخيرة التي شهدها النظام الانتخابي بعد تعديل قانون الانتخابات عام 2023 أنّ العملية السياسية عادت إلى بنيتها التقليدية القائمة على ترسيخ القواعد الطائفية والمناطقية. وقد تكرّس هذا الاتجاه...









