TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ذاكرة السمكة

العمود الثامن: ذاكرة السمكة

نشر في: 21 فبراير, 2021: 09:46 م

 علي حسين

قبل أيام كنت أقرأ خبراً يقول إن فتاة أمريكية تعاني من مشكلة صحية حيرت الكثير من الأطباء حيث أن ذاكرتها تعيد ضبط نفسها كل ساعتين، ووصل بها الحال أنها لا تتذكر الناس الذين قابلتهم في نفس اليوم. وقال الأطباء إن الفتاة تعاني من مرض اسمه "ذاكرة السمكة" التي يقول العلماء إن صاحبتنا السمكة تعاني الضعف في مسألة الذاكرة .

تذكرت السمكة وذاكرتها وأنا أشاهد اللقاء مع رغد صدام حسين حيث حاولت من خلال ذاكرة مثقوبة أن تعود إلى المشهد.. ونسيت ما جرى للعراقيين منذ عام 1980 وحتى هذه اللحظة.. نسيت كل هذا وراحت ترتدي ثوب "الديمقراطية" الزائفة، تنتقد ما يجري في العراق اليوم، وتنسى أن ما جرى في زمن "القائد الضرورة" كان الأساس لما يحدث اليوم من فوضى.. وبذاكرة السمكة تتوهم أن نظام حكم "أم المعارك" كان طيباً بل وودودا ولم يعتقل أحداً، ولم ينتهك حريات العراقيين، ولم يفجع العوائل بأبنائها في حروب عبثية كانت غايتها الأولى أن يتحول صدام إلى "سيف العرب"، وكانت أبرز " منجزات" هذا السيف أنه غزى بلداً عربياً وسبى أهله تحت شعار " تحرير فلسطين يمر عبر الكويت" .

رغد صدام التي عاشت في زمن أبيها خلف الكواليس، لا تستطيع أن تتفوه بأي تصريح أو تشارك بأبسط نشاط اجتماعي، تتحدث اليوم عن الحرية التي كان العراقي ينعم بها، ونسيت صاحبة " ذاكرة السمكة" أنها كانت أول من تمتع بهذه الحرية عندما قرر صدام أن يقتل زوجها أمام الناس .

الغريب أن صاحبة "ذاكرة السمكة" ما أن ظهرت على شاشات الفضائيات حتى تحسس ساستنا كراسيهم، وكأنها ستعود لتحكم العراق من جديد.. ونسوا أن تمثال صدام سقط في ساحة الفردوس قبل 18 عاماً.. سيقول قارئ عزيز: صحيح أن التمثال سقط ، لكن أحزاب التغيير أنشأت تماثيل جديدة لساسة اعتبروا التغيير ماركة خاصة سجلت بأسمائهم.. لا مفاجأة ياعزيزي القارئ أن يشعر جميع العراقيين بأنهم خدعوا وأن المسؤول العراقي لا يريد ان يغادر زمن " العنجهية " الفاغة .

يكتب الحائز على نوبل للآداب وول سوينكا: "تعلمت أن لا أثق أبداً في سياسي"، وأعتقد أن العراقيين اليوم وبعد 18 عاماً من القتل والدمار وسرقة ثروات البلاد لا يثقون بالساسة، مثلما لا يصدقون رغد صدام عندما تقول إن والدها منع عليهم شرب " البيبسي" بسبب الحصار.

بعد 18 عاما لا بد ان ؤمن ان بناء هذا البلد لايتم عبر الكره والضغينة والانتهازية .إننا، أيها السادة، نعيش الآن، صراع الوجود لا صراع المظلوميات والطائفية. وفي نهاية هذه المعركة ثمة طريقان: أما بلاد تسعى للمستقبل، واما الاستمرار في البحث عن أصحاب "ذاكرة السمكة".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram