عدوية الهلالي
بعد أن تم تقليص الصحف اليومية والمطبوعات وتفييض أعداد من منتسبي المؤسسات الإعلامية الخاصة بسبب الأزمة المالية التي عصفت بالبلد في عام 2016 ، وجد العديد من الصحفيين والإعلاميين أنفسهم بلا عمل ،
ثم تمكن البعض القليل منهم من العثورعلى عمل ضمن اختصاصه الإعلامي أو الفني ، بينما مارس الآخرون أعمالاً مختلفة أو لاحقهم شبح البطالة طويلاً وربما حتى هذه اللحظة ..كان سبب تقشف الصحف والمطبوعات يومها واضطرارها الى إغلاق أبوابها أو تسريح العديد من منتسبيها هو حرمانها من الإعلانات وحصرها بالصحيفة الرسمية ، لكن الإعلانات عادت بعد سنوات ولم يعد العاملون العاطلون، كما أن ظاهرة جديدة طفت على السطح لتحرم هؤلاء العاطلين من آخر فرصة لهم للعمل في المجال الإعلامي ، فقد لجأت بعض الجهات المستفيدة من الصفقات التجارية والمزايدات والمناقصات الى وسيلة تضمن لهم نجاح صفقاتهم على الرغم من أنها تسحب البساط من تحت الصحف المحلية ، وتقوم تلك الظاهرة على تأسيس تلك الجهات لصحف خاصة بها والحصول على اعتمادات من نقابة الصحفيين ودار الوثائق في الوقت الذي لاتحمل فيه تلك الصحف سمات الصحف الحقيقية فهي تنشر أخباراً مقتبسة من مطبوعات أخرى فضلاً عن حشوات منوعة ، ولايتم توزيعها أو بيعها لأن الغرض منها هو نشر إعلاناتها التجارية فقط..وظاهرة أخرى أخطر بكثير وهي افتتاح صحف مؤقتة لاتصدر سوى عدد أو عددين لمجرد الحصول على حمايات للمنشآت ، وبعد ذلك يتم إغلاقها واستلام رواتب الحمايات وأغلبها تحمل اسماءً فضائية كما يجري مع حمايات المسؤولين ..
يجري كل هذا أمام أنظار وزارة الداخلية ووزارة الثقافة ونقابة الصحفيين وتنتفع من تلك الظواهر حيتان كبيرة بينما تظل الأسماك الصغيرة من الصحفيين والإعلاميين تستجدي أجوراً هزيلة ربما تمنحها لهم بعض المؤسسات الاعلامية بلا ضمان أو وظيفة ثابتة وهؤلاء هم المحظوظون بين زملاءهم لأن البعض الآخر منهم يأسوا من ممارسة اختصاصاتهم ومنهم زميل لنا واصل البحث عن صحيفة أو قناة أو وكالة إخبارية تستثمر طاقاته وكفاءته الكبيرة في مجال التحرير والتصميم بعد تسريحه من عمله ولما عجز عن ذلك وعن إعالة أسرته اضطر الى بيع الحلوى والسجائر أمام منزله ، وعندما سألته قبل فترة إن كان قد وجد عملاً في مطبوع ما ، قال إنه انتقل في الشتاء من بيع الحلوى والسجائر الى بيع ( اللبلبي ) ..فهل ينتظر بقية الصحفيين والإعلاميين الذين لايجدون حماية أو ضمان معيشي المصير ذاته بعد أن تعصف الأزمة المالية الجديدة بما تبقى من المطبوعات وتحول العاملون فيها الى باعة سجائر ولبلبي في أحسن الأحوال ؟!..