TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ناظم الغزالي زعيما للفرح

العمود الثامن: ناظم الغزالي زعيما للفرح

نشر في: 22 فبراير, 2021: 10:02 م

 علي حسين

في مثل التاريخ قبل مئة عام بالتمام والكمال ولد مواطن عراقي يدعى ناظم الغزالي: فقيراً، الأم فاقدة النظر.. والأب بالكاد يستطيع توفير لقمة العيش لأطفاله، فقرر عمه أن يتكفله ، بعد ان عاش فترة في بيت خالته ..

عاش مع أحلام أن يصبح موظفاً ليرمي الفقر وراء ظهره ، ولم يكن يُدرك أنه سيشيع الفرح والبهجة في في نفوس العراقيين ، وانه سيتصيد لهم حكايات الحب مع رفيق رحلته المسيحي ناظم نعيم وهما يقدمان للعراقيين "طالعة من بيت أبوها" و"أحبك وأحب كلمن يحبك" و"يم العيون السود" و"مروا عليّ الحلوين"، التي نتأملها كل يوم ونكتشف كيف كانت الناس تجد في هذا المطرب أفراحها ومسراتها وأحزانها وشكوى عشاقها، ومثلما نتأمل في أفراح ومسرات وذكريات الأغنيات التي انشدها ، نتذكر هذا الصبي الذي ولد في زقاق بغدادي يذكرك بالازقة التي رسمها مبدع عراقي آخر اسمه غائب طعمة فرمان الذي هام حبا ببغداد ، لكنها ادارت له ظهرها واستكشرت ان تسمي احدى شوارعها باسمه ، مثلما استكثرت على ناظم الغزالي ان يكون له تمثال في احدى ساحات بغداد ، في هذه المدينة التي كانت تحتل شوارعها المضاءة أسماء ملوك وشعراء، في هذه المدينة التي كانت تتطلع إلى المستقبل بعيون مفتوحة علقت الشواهد على شوارعها الرئيسة، المتنبي، أبو نواس، ابن سينا. تلك، كانت بغداد في الأربعينيات. والقادمون يأتون من قريب ومن بعيد، يغنون، ويعشقون، ويحلمون بيوم يصبحون فيه أبطالاً، قادرين على العيش برفاهية. سيحلم ناظم الغزالي بعراق هادئ، أنيق، طافح بالأمل.

ناظم الغزالي كان مغرماً بما يغني ويدندن، يعتقد أن الاغنية ستصوالفن سيصنعان بلداً يكون ملكاً للجميع، و مجتمعاً آمناً لا تقيد حركته خطب وشعارات ثورية، ولا يحرس استقراره ساسة يسرقونه كل يوم، عاش أسير أحلامه، متنقلاً في الألحان، لينتهي بأزمة قلبية..

لم يكن ناظم الغزالي يُدرك أنه سيوحد العراقيين بأغنيته "فوك النخل" وأن عيونهم ستدمع كلما يسمعون ناظم الغزالي يقول: "مدري لمع خده يابه مدري لمع فوق".

نكتب عن الماضي ونتأسى عليه، لأن الجديد الذي نعيشه باهت، بلا لون ولا طعم، ونبحث عن الذين صنعوا لنا الفرح، لأان الذين نعيش معهم اليوم لا يجلبون لنا سوى الهم والغم. ونتمنى أن نُصبح دولة سوية تكرم الذين يستحقون التكريم، ولا تنشغل بالبحث عن تقلبات عالية نصيف ووساوس هيثم الجبوري ، وتفانين جمال الكربولي

مات ناظم الغزالي بعد أن أثقلت حياته الأفراح والأحزان، اختبأ وراء جدران الفن ، لكن أغنياته ظلت تطل علينا توزع الفرح والأمل وتحيي الشجن في القلوب التي يريد لها اليوم ان ترتدي السواد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram