TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ما بين صاروخ وصاروخ ضاعت لحانا

العمود الثامن: ما بين صاروخ وصاروخ ضاعت لحانا

نشر في: 23 فبراير, 2021: 10:31 م

 علي حسين

بغض النظر عن شكل النهاية التي سيضعها القائمون على المسلسل الدرامي الطويل والمثير المسمى "صواريخ الخضراء" فإنه يحسب للكثير من القوى السياسية أنها لا تزال تواصل اللعب على أكثر من حبل وبمهارة، فلا أحد فينا يعلم علم اليقين حقيقة ما يدار في الخفاء، وكيف أن الكثير من هذه القوى السياسية يدعم أهل الصواريخ.

بالأمس أعلن البعض أن منظر الصواريخ وهي تقع على بيوت المواطنين ليس مناسباً، فيما ذهب البعض لأبعد من ذلك، حين طالبوا الحكومة بأن تعيد هيبة الدولة. التصريحات التي أطلقها بعض الساسة العراقيين توحي للمواطن البسيط أن هذه القوى السياسية وبخت وهددت كل من تسول له نفسه أن يواصل لعبة الصواريخ، وطالبتهم بأن يذهبوا بعيداً عن بيوت المواطنين. لكن التجارب السابقة والقضايا المماثلة ستكشف فيما بعد أن معظمها شعارات بلا لون ولا طعم ولا رائحة وأن ما كان يقال في الغرف المغلقة مختلف كثيراً عما يقال أمام وسائل الإعلام.

في بلاد العجائب والغرائب يبدو المشهد شديد التناقض وموغلاً فى السخرية، جهات مسلحة تصر على أن من حقها مواصلة لعبة إطلاق الصواريخ، في الوقت الذي نمد فيه ايدينا الى الامريكان والروس ونقول :" لله لقاح يامحسنين "

ماذا كان يفضّل العراقيون حقاً: العدالة الاجتماعية والرفاهية والأمان، التي مايزال جميع السياسيين يتغنون بها من أجل الحصول على مزيد من الامتيازات والأموال المنهوبة والمناصب، أم اطلاق الصواريخ ونهب الثروات؟ من أوصل المواطن المسكين إلى هذا الخيار، ؟ ماذا حدث لـ"دولة الإصلاح" أين غابت خطب السلاح بيد الدولة ؟ بماذا يفكر العراقي وهو يرى اصحاب الصواريخ يسرحون ويمرحون ليلا ونهارا ، سيقولون له بكل بساطة لم يحن الوقت بعد لأن تصبح صاحب قرارٍ حرٍ، فما زال هناك الكثير من الصواريخ الباليستية التي نريد أن نجربها؟!

هل يجرؤ أحد مهما علا شأنه أن: من أنتم وماذا تفعلون؟، سيُتّهم بالخيانة حتمًا، أليست أحزابنا العتيدة ومعها الحكومة الرشيدة، كانت قد قررت قبل سنوات وفي لحظة تاريخية مهمة أن صواريخ "الكاتيوشا" وحدها يمكن أن تؤسس لعراق ديمقراطي .

هكذا وجدنا أنفسنا بين " حانة " الصواريخ و " مانة " ساسة يمارسون الاستعلاء على عقول الناس يدعون الثورية، وفى الوقت نفسه لا يتورعون عن الاستعانة بالأميركان في الحصول على المكاسب. وفاتهم أننا كعراقيين نستطيع أن نواجه أمريكا عندما تكون جبهتنا الداخلية محصنة ، ونواجهها أيضا ونرفض تدخلها ونستغني عن جيوشها ومعوناتها عندما يكون لنا مشروع حقيقي يستند على الحرية والديمقراطية واحترام الإنسان. وإلى أن يحدث ذلك فستظل أمريكا تتدخل في شؤوننا، ويظل ساستنا يكذبون على أنفسهم قبل أن يكذبوا على الناس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. khalidmuften

    من بركات الصواريخ الساقطة من السماء قتل المدنين وترويع السكان الامنين وانعدام الامن وبث الفوضى .

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram