عمــار ســاطع
لا يمكننا تَقبُّل ما حصل بسهولة، في العاصمة البحرينية المنامة، من خروج مُحزن ومغادرة من الباب الصغير، لفريقنا الوطني لكرة السلة في التصفيات الآسيوية!
وحينما نقول لا يمكننا أن نتقبّل ذلك بسهولة، فأننا نعني هنا تحديداً، ما حقّقه فريقنا من نتائج، دقّت في الواقع إسفين الخطر لقادم الفترات، بل أن مستقبل اللعبة أضحى مليئاً بالمخاطر والتحدّيات!
ونتيجة لتَذَيُّل منتخبنا الموقع الأخير في تسلسل مجموعته القارية مع انتهاء التصفيات، فإن على الجميع أن يعي خطورة ما وصل إليه حال فريقنا من تراجع وتدنٍ جعلته يترنّح أمام منتخبات لم يكن يُحسب لها أي حساب في العقود الزمنية الماضية.
نعم .. إن التردّي الذي أصاب منتخبنا السلوي، في الآونة الأخيرة، جعل من منتخبات صغيرة سابقاً، تتفوّق عليه في الرمق الأخير، وتضع أمام هزائمه المتلاحقة، جملة من علامات الاستفهام، وتجعل من القائمين على كرة السلة العراقية يضربون أخماساً بأسداس، بعد أن وصل حال منتخبهم الوطني بأن لا يتذوّق طعم الفوز في كل مبارياته، ويهدر فرصة العودة من النافذة الثانية الى أجواء المنافسات.
في الواقع أن المنافسين استثمروا ضُعف فريقنا من كافة النواحي، بل أنهم عرفوا من أين تؤكل الكتف، من خلال توزيعهم الصحيح للمجهودات البدنية والذهنية في فترات المباريات كافة، على العكس من لاعبينا الذين بلغوا الطُعم وراحوا يستنزفون امكانياتهم بطريقة إن دَلَت على شيء، إنما دَلَت على الافتقار الى التجربة وقلّة الاحتكاك وضعف تطبيق الواجبات وشرود الذهن وغياب التركيز.
وحتى لا نضع اللوم الفنّي على اللاعبين، فإن اتحاد كرة السلة مُطالب أيضاً بالإجابة على التساؤل المطروح في الشارع الرياضي.. لماذا غاب المدرب المحلي عن الواجهة؟ ولماذا تم الاعتماد على جهاز فني أجنبي دون تعشيق العملية بين الطرفين الوطني والأجنبي؟!
وهنا نقول.. من المؤكد أن غياب المدربين العراقيين من ذوي الكفاءات والخبرات.. كان أحد العوامل الرئيسة والمهمّة فيما حصل من صدمة لمنتخبنا السلوي في رحلته بالتصفيات، ناهيك عن الظروف الصعبة التي غَيَّبَت المنافسات المحلية لفترة طويلة نتيجة فايروس كورونا، هذا الى جانب ضغط مباريات الدوري في انطلاقته بالموسم الحالي وعدم وجود آلية واقعية يمكن لها أن ترتقي بحالة المنتخب.
نعم.. كل ذلك كان من بين جملة المسبّبات لما حدث لمنتخبنا الوطني لكرة السلة.. وهو ما يدفعنا الى المطالبة بالوقوف على تلك الخسارات المتلاحقة بشيء من الواقعية والتجرّد وتحكيم العقل قبل العاطفة.. خاصة وأن أغلب عناصر المنتخب تمثّل الصفوة الأبرز المُختارة من قبل الجهاز الفني، وهو ما يوصلنا لحقيقة أن ما حصل في المنامة يدعونا الى التعمّق أكثر فيما وصل اليه حال كرة السلة العراقية!
فمستوى المنتخب الوطني هو نِتاج لواقع اللعبة محلياً، بل أن المنتخب هو مرآة تعكس صورة المنافسات المحلية على الصعيد الخارجي، وكلّما اشتدّ الصراع والمنافسة وأرتفع أداء لاعبي الدوري، كلّما أصبح المنتخب في حالة فنية متقدّمة وصبّت الأمور في صالحهِ من حيث الارتقاء بالمستوى وزيادة التنافس بين اللاعبين على مواقعهم في تشكيلة المنتخب.
القضية الأهم هو عدم الاستقرار على كادر تدريبي، إذ أن تغيير الكوادر الفنية والاعتماد على معسكرات تدريبية ومباريات تجريبية في تركيا مثلاً، لن يُسهم أبداً في إيصال المنتخب الى مرحلة الكمال الفني، بل سيكون من بين العوامل التي تزيد من رتابة الحال وتُضعِف مهارات اللاعبين وتُبقي على محدودية الفكر والنضج لدى الكوادر الفنية، لأن التكرار من دون الارتقاء يعني أن يراوح الفريق في مكانه دون أن تصيبه حالة التغيير دون الأحسن من حيث الناحية الفنية، ناهيك عن الفجوة التي قد تحدث بين عقلية المدرب وطموحات اللاعبين!
الشيء الذي يفترض باتحاد كرة السلة تغييره، هو إشاعة روح المنافسة بين فرق الدوري من خلال زيادة المباريات واقامة بطولات بتسميات مختلفة تنشيطية، كأن تكون كاس الاتحاد وبطولة التحدّي والسوبر وحتى بطولة الجمهورية وغيرها من تسميات، الغرض منها منح الفرص أمام اللاعبين لزيادة الاحتكاك وفرض جلب لاعبين من العناصر الشابة واشراكهم اجباراً في المباريات خاصة وأن ضعفاً كبيراً ضرب قاعدة اللعبة، هذا الى جانب ضرورة تشكيل أكثر من منتخب من الفئات العمرية وزجّهم ببطولات خارجية بهدف وضعهم تحت بند الاختبارات الحقيقية لصقل موهبتهم ومنحهم فرصة اللعب وجعلهم في أجواء المنافسات؟!
أيها السادة.. هذا هو واقع كرة السلة العراقية التي تحتاج الى نهضة، بل ثورة حقيقية تصل بِها الى ضفة الطموح الامثل، وغير ذلك سنصل الى يوم الندم على ضياع حقبة زمنية تخدّشت صورتها على يد من كُنا نتوسّم فيهم خيراً، وأن يحملوا على عاتقهم شعار الانقاذ لا الاستسلام أمام ما يحصل من أخطاء تتراكم كلّما مَر عليها الوقت!