TOP

جريدة المدى > سينما > فيلم (الحالة المثيرة للفضول لبنجامين باتون) إعادة التوازن للعناصر البصرية

فيلم (الحالة المثيرة للفضول لبنجامين باتون) إعادة التوازن للعناصر البصرية

نشر في: 19 مايو, 2010: 05:06 م

صباح محسنقد تستهوي الأجواء التاريخية المتحولة، ضمن نسق زماني متوازن ومحكم شهية الكثير من المخرجين الباحثين عن اصطياد أكثر الحالات انفعالا والمليئة بالشحنات العاطفية مع إدخال الكادر البديل المقترح في أصل النص واستبداله بمناخات قريبة لتلك المرسومة في السيناريو،
 وهنا تبدأ لعبة المخرجين المتمرسين في الاشتغال على عنصر (البكراوند) لاعطاء الزخم والتأثير نفسيهما في صناعة المشهد وإدخال الكادر محصنا بأزيائه وقصات شعره وتعامله مع الحوار والايماءات لتلك المرحلة الزمنية نفسها  إضافة الطابع الواقعي المرافق فنيا وبصريا.افلام عديدة ضجت بها واجهات السينما على طول تاريخ انتاجها تحاول التقرب من هامش الحدث المنبثق من التاريخ زمنيا، حتى وان دعت الحاجة الى الاستعانة في اغلب الأحيان الى اللجوء لبعض الوثائق المصورة مثل الافلام التسجيلية ومحاولة التطابق بين الاصل والنص وحسب الرؤية الفنية ذات التأسيس الجمالي المدروس. لذلك نرى الاهداف المرسومة ضمن توافقات بنائية محكمة على اصل السيناريو والاشتغال البصري في سياقاته الفنية وتعدد الزوايا، اخذ الكثير من اهتمامات اولئك المخرجين المدربين على الوصول بالمتلقي لخانات التصديق والاضافة الواقعية لمجريات الاحداث التي يتشكل عليها زمن الفيلم الحكائي المدجج بالبذخ الصوري والخلفيات الضاجة بالالوان والاضواء والمياه والامطار مع حركة الكادر المكمل لبناء الصورة من ديكورات فخمة وعناصر تكميلية من شوارع وبنايات وازقة وشبابيك وسفن واجواء اخرى ترفد الجانب البصري الاخاذ بالمتعة والرفعة الجمالية حيث يتم تدشين مشهدية ذات اقناع تدعم موقف المتلقي النفسي واعطاءه مستويات متعددة للرؤيا. محاكات متعددة ومن عدة زوايا فنية وبصرية اقدمت عليها الاشتغالات السينمائية بدءا من وقائع الحروب ومنذ واترلو وحتى الحرب الاولى والثانية والادوات المستخدمة والاسلحة والقتل والقصف والغواصات الطيارات وحسب ما تمت أرشفته في أفلام الحرب الوثائقية والتقرب لترحيل كل تلك المفردات الى الوقت الراهن واعطائها الأجواء الحقيقية لتلك الحقبة، وايضا الاجتماعية السائدة بداية القرن الماضي من شوارع وبيوت وستائر وازياء وزنوج وغانيات وابطال ثوار وخارجين عن القانون ورجال مافيا ومهربين الخ... هذه المساحات قد تم زجها في عالم السينما الخلاب، والذي يهدف في مساراته لتقديم المتعة والغرائبية في آن، وكونها جاذبة للحلم ان لم تكم تنتجه ظلت السينما كصناعة جمالية صارمة تستمد ديمومتها من الوقائع المتناثرة على وجه التاريخ، ومن مصادرها الاثيرة في الرواية والقصة والمسرحية، حتى صارت اكثر الفنون قبولا في مستوياتها الفنية اقناعا من باقي الفنون، لتعود مجددا لمصادرها المهمة  والرئيسة من الادب لتأخذ هذه المرة من الكاتب الامريكي فيتزجيرالد قصته القصيرة المعنونة (الحالة المثيرة للفضول لبنجامين باتون) المنشورة في احدى الصحف عن شخصية بنجامين باتون الخيالية، حيث يجسد الكاتب فيتزجيرالد رؤيته التشاؤمية للحياة، وبحثه المستمر في اغلب اعماله عن ايجاد معنى للعيش فيها، لان دون ذلك هو العبث من وجهة نظر الكاتب صاحب رواية جاتسبي العظيم المعروفة.. ليبدأ كاتب السيناريو اريك روث في اعادة بناء القصة للسينما دون التأثر الكامل بأجواء القصة حيث لم تتعد الـ25 صفحة وقدم لها رؤية سينمائية تجاوزت اكثر من ساعتين ونصف الساعة وهو زمن الفيلم.. وقد سبق للسينارست اريك روث ان كتب سيناريو فيلم (فورست جامب) الشهير والذي يتحدث عن فتى يعيش اهتزازاً نفسياً وربما هذا ما يراه فيه المجتمع، حتى وهو في سن متقدمة ليكون شاهدا ومن خلال رحلته الطويلة في الحياة من تمثيل حقبة مهمة من التاريخ الامريكي المعاصر والذي راَه هذا البطل وشارك فيه بقوة. وكان المخرج دافيد فنشر اكثر وعيا في قراءته للسيناريو اذ لم يقع في شباك تأثره بالنص الاصلي، مبتعدا قدر الامكان عن تلك المؤثرات ليقوم بأسقاط اللغة السينمائية على قراءته لحالة النص على مستوى القصة والسيناريو المكتوب عنها، مستعينا بالفتوحات الكبرى في التطور الذي اصاب صناعة السينما، وتحديدا عناصر الكمبيوتر والمساحات الاشتغالية من طروحات التقنيات الرقمية لينفذ من خلال ذلك الى روح تلك الاجواء الضبابية والازمات التي رافقت المجتمع الامريكي عبر تطوره السياسي والاجتماعي. وقد سبق للمخرج ان قدم افلاماً مهمة لاتخلو من تلك المفردات في ادارة اخراجه لها و بالاسلوب نفسه ومنها فيلم اللعبة و (سبعة) و (زودياك) وافلام اخرى مهمة. حاول المخرج دافيد فنشر الابتعاد قدر الامكان التناول الفلسفي الذي غطى على اجواء وفكرة القصة الاصلية ليتقرب وكما هو معروف عنه من التاريخ الخاص بالمجتمع الامريكي.. تتعاطى فكرة القصة مع مفهوم ومنطق الحياة وتحديدا اثناء الولادة وحتى الممات وعن جدوى ذلك دون معنى حين يرزق السيد توماس باتون بطفل هو بالواقع مسخ مشوه يبدو في سن الثمانين من عمره بعد ان لحق بزوجته وهي تلد هذا المخلوق العجيب وكان هذا الحادث قد رافقته واقعة كانت قد حدثت اثناء الحرب العالمية الاولى عن صانع ساعات مسيوجاتو المكلف من بلدية المدينة بصنع ساعات عملاقة تنصب في المحطة المرك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram