محمد حمدي
نتحدّث كثيراً في وسطنا الرياضي المليء بالتناقضات عن تأخرنا في المجالين الإداري والاستثماري وتأثر أنديتنا الرياضية واتحاداتنا وربما بقية المؤسّسات الرياضية أيضاً عن هذا التأخّر، ونعترف أن جميع الدول قد سبقتنا ونردّد مقولتنا الأثيرة هؤلاء كانوا لا يحلمون مجرّد اللحاق أو الاقتراب من تطوّرنا وتقدّمنا الرياضي عنهم في حقبة سبعينيات القرن المنصرم،
والمصيبة أننا توقفنا وفرملنا الزمن عند هذه الحقبة وجعلناها شمّاعة ذكريات نتغنّى بها لا أكثر من ذلك في الوقت الذي حثت به جميع الدول المحيطة بنا خطاها وسابقت الزمن وتركتنا عند خط الشروع في حالة مراوحة عجيبة ولا مبرر لها.
المشكلة الأخرى أننا نريد الرجوع الى الوراء بزمن مستهلك لم تعد حيثياته وإمكاناته وتصرّفاته مناسبة للزمن الحالي، أؤكد ذلك وأنا اسمع شخصية رياضية مؤثرة تريد لمنتخباتنا الوطنية أن تعتمد على اللاعبين المحلّيين فقط ويستشهد بسبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم! وينبري آخر بالدعوة الى منع الاحتراف أو تحجيمه ويوجّه وينتقد هذا النادي أو ذاك لسعيه استقدام اللاعبين الاجانب المحترفين، وكأنه يريد أن يعيدنا الى الخلف أكثر ممّا نحن متأخرين، ولو سقت الأمثلة الأخرى للتصريحات والدعوات سنرى العجب ومع أي طريقة تفكير نتعامل!
لقد أيقنت وغيري أيضاً بما لا يقبل الشك أن النهج الخاطئ في الإدارة ورسم مستقبل الرياضة هو السبب الرئيس لما وصلنا اليه فضلاً عن آفات الفساد التي تسرّبت بسرعة متناهية مخترقة هذا الوسط المهلّل لمؤسساتنا الرياضية وأهمّها الأندية والاتحادات التي مازالت تعتمد الأطر والأساليب القديمة، ولم تفلح في رفع شأنها، فلا الاستثمار وجد طريقه الصحيح الينا ولا الاحتراف وعالمه حل بساحتنا بطريقة صحيحة، ومازال الأعمّ الأغلب يبحث عن التمويل الحكومي بشقّ الأنفس ومازالت الاتحادات والأندية تترقب إقرار الموازنة مع دقّات القلب صعوداً ونزولاً، ولو لم يكن الحال على هذا المنوال لما وصل حال نادي الطلبة الى هذا المستوى المخيف من التردّي والنزول الى القاع دونما حل يذكر مع إن النادي من الأندية الجماهيرية وله قاعدة واسعة من الجماهير الوفية ولمّا عُلّقتْ عشرات المشاركات الخارجية لاتحادات رياضية بانتظار أن يتفضّل عليها أحدهم فيبادر الى تغطية نفقات الإيفاد أو أجور الفنادق أو يستمر اللاعبون في الأندية بلا نفقات العقود حتى المحترف منهم كما حصل مع اللاعب اليمني مفيد جمال في نادي الطلبة وقضية عدم تناوله وجبات التغذية سوى (الفلافل) التي حقّقت مستويات عالية جداً من المشاهدات المحلية والدولية على منصّات التواصل الاجتماعي.
يقيناً أن الذي يحدث لدينا من تراجع مخيف لم نشهده في أندية سوريا وليبيا برغم ويلات الحرب والدمار، ولم يحصل أبداً في إيران مع عنف الضائقة المالية التي تعصِف ببلادهم، والسبب هو أنديتهم ومؤسّساتهم خطّطت بعناية لملف الاستثمار حتى في الظروف العصيبة، ولم تعتمد المنح الحكومية والاستثمار في محال تجارية مؤجّرة بجسم الأندية والملاعب والمقار الرياضية، آزاء كل ذلك ينبغي لنا كإعلام رياضي وجمهور أن ندعم أية تجربة جديدة تخرّجنا من إطار التراجع وندعمها حتى وإن صاحبها بعض الأخطاء البسيطة، ولتكن تجربة نادي الديوانية التي أراها ناجحة وفاعلة ماثلة للعيان ولا نكثر من انتقاد شخص رئيس النادي الذي أرى أنه أبدع وجدّد، ويملك الكثير ليقدّمه لفريقة بالية استثمار سيكتب لها النجاح حتماً ونعدها درساً بالغ الأثر لأنديتنا ومؤسّساتنا الرياضية.