عمـار سـاطع
قد تكون هذه هي الديمقراطية التي ترسّختْ لدى الكثيرين أو التي يبحثُ عنها من أولئِكَ الراغبين في البحث عن الجاه أو المنصب من خلال الدخول بصراع التنافس صوب موقع في اللجنة الأولمبية العراقية!
نعم.. قد تكون الديمقراطية الانتخابية في العملية الرياضية، فرصة مشروعة لدخول من يعتقد بأنه مؤهّل تماماً ليكون ضمن كوكبة الذين يقودون دفّة العمل الرياضي، إدارياً، مِن خلال ما جَناهُ من خبرتهِ وتاريخهِ أو علمهِ وعملهِ وما كسبهُ من إنجازاتٍ أو انتصاراتٍ، وهو حق، أؤكد مع غيري من المتابعين أو النُقاد، على أنه مشروع خالص وبدرجة عالية من المقبولية!
ولكن.. قد يطرح البعض سؤالاً مفاده: هل يُعقل أن عندنا في العراق، هكذا أرقام من أسماء تُدرِك أنها قادرة فعلاً على تحقيق الفارِق، بين مرحلة من التردّي والسنوات العجاف، وبين ما تحمله أجندتهم من قدرات خارقة يمكن لها أن تأتي بربيع من التألق والتفوّق الرياضي؟!
بمعنى آخر.. هل يمكننا أن نجزم بأن في العراق، هكذا قدرات مُخفية كانت أم مكبوتة، كسر الحصار الدائر عليها، وخرجت من الظلام لترى النور وسط هكذا أجواء مشحونة وغير صالحة أصلاً للعمل الرياضي وصولاً الى صناعة الانجاز والبحث عن المواهب والإمكانيات من تلك التي لم يؤخَذ بيدها لتتدرّج بالشكل الصحيح، وأصبحت الآن واضحة ومعروفة، ووجدت نفسها أمام حقيقة الانتماء صوب الوطن ورياضته الباحثة عن قادة حقيقيين يفضّلونها على مواقعه ومناصبهم؟!
لن أتبجّح بشيء من الواقع غير المقبول.. ولن أتطرّق الى أمور تُعنى بتلك الأسماء التي حصلت على أوراق الترشيح ودخلت صوب سباق التنافس المُلحق الذي يُجيز للفائزين الـ 12 الدخول الى الجمعية العمومية وصولاً الى انتخابات المكتب التنفيذي المرتقبة في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، والتي قد تكون فاصلة مرتبطة بانتقالة اتجاه التصحيح والبناء وتحقيق الفوارق الإيجابية، ولكن من حقّنا أن نَعرف، كيف لهكذا عدد أن يظهر ويعتبر نفسه مقبولاً، وتنشد رياضتنا بهم الآمال والطموحات دون أن نعرف الى أين نتجه؟ وإلى أين نمضي؟
القضية ليست خيالية، فالأعداد التي وجدت نفسها قادرة على قيادة موقع صناعة الإنجاز الرياضي، أو إعداد الأبطال أو البحث عن الرقم القياسي، ربما يعطينا مؤشّرات سلبية قبل بدء العملية الانتخابية التي قد تأتي بمن لا يستحق وتعطي أدواراً لأصحاب المفاجآت، وما أكثر المفاجآت ونحن نعيش في العراق الحالي، إذ أن كل شيء جائز ووارد ومتوقّع، وسط هذه الفوضى التي تعتبر اليوم طبيعية، في نظر الذين وصلوا الى المناصب بالصدفة والمواقع بالوساطات والمراكز بالعلاقات!
لا يوجد أي حكم طبيعي، في هكذا حالات، فغير المعقول أصبح واقعاً والواقع أضحى مؤجّلاً الى إشعار آخر.. نعم الخيال أصبح ديدننا اليوم، والمنطق أصبح استثناءاً إذا ما تحقق.. وأحوال الرياضة جزء من هكذا مجتمع والأولمبية اليوم تمضي باتجاه ضبابي وربّما لا تتوفر فيه شروط الواقعية التي يفترض أن تفرض نفسها بدلاً من أن تبتعد عن حقيقتها وتهيمن على أحوال رياضتنا!
المشروع الحقيقي الذي رشّحت من أجله كل الأسماء التي وجدناها في قوائم التنافس الملحق أو حتى من الأعضاء الدائمين في الجمعية العمومية للجنة الأولمبية، ليس لديهم مشروع بِعَينِهِ، لا بل أنهم اليوم منهمكون في كيفية توزيع الأصوات وتقاسم الكعكة والحصول على أعداد من المنتخبين، وكل تفكيرهم أصبح منصَبّاً على كيفية الدخول الى المعركة الانتخابية، بعيداً عن البحث لما هو متعلِّق بلغة الخسارة، فالكل يريد ولا أحد يحمِل شعار التغيير الرياضي!
وأسأل جميع من هم يجدون في أنفسهم القدرة الخارقة، كم منكم يعرف بنود ميثاق العمل الأولمبي؟ وكم واحد منكم يعرف التخطيط الفعلي لبناء أسس الرياضة الصحيحة؟ وكم واحد منكم يمكنه أن يقدّم برنامج إعداد الرياضي البطل أو يقدّم نظاماً فعلياً للنهوض بالرياضة العراقية وانتشالها من واقعها المرير؟ كم مرشح يمكن أن يأخذ على عاتقهِ إدارة العمل الرياضي، وأركّز على كلمة إدارة العمل الرياضي؟ الإدارة موهبة وقدرة وفن وكاريزما.. الرياضة شيء آخر تماماً!
أُبرّر لنفسي تماماً ما ذكرتهُ.. مثلما أمنح لنفسي مسوّغات ما قلتهُ من سطور بقناعات مهمة.. قد يواجهني كثيرون بهجمات غير مسبوقة، لكن الواقع والمنطق يفرضان نفسيهما علينا بالشكل الذي يُجيز ليَّ وللكثيرين التحدّث بمنطلق من الحرص والاهتمام برياضة العراق أولاً وأخيراً!