علي حسين
دائماً ما يلومني قرّاء أعزّاء وهم يقولون بمحبّة: هل تتوقع أنّ ساستنا ومسؤولينا يقرأون؟ وأنهم سيطيلون النظر في سطورك التي تُحشيها بتجارب الشعوب، وحكايات عن سنغافورة وألمانيا وطوكيو؟ وتتغنى بتجربة الإمارات العربية..
أنا أيها الأعزاء أطمح لأمر واحد، هو أن أجد أمامي نواباً وساسة يعرفون معنى المواطنة ، لا أقبل أن يتحسّر العراقي وهو يسمع أن البصرة اغنى مدن المنطقة تعاني من سوء الخدمات وشبابها بلا عمل، وعلى مرمى حجر منها، تستقرّ مدن مثل ودبي والكويت وأبو ظبي والشارقة حيث يتسابق حكامها في التنمية والإعمار والازدهار.. ونحن شاهدنا التنمية والإعمار فقط عندما حطت طائرة بابا الفاتيكان في مطار بغداد !!.
يا أصدقائي الأعزّاء، أنا وأنتم مواطنون في بلد ضعيف يستقوي عليه ساسته وإخوانهم ورفاقهم، كنت أمنّي النفس بمسؤول من المؤمنين على شاكلة وزيرة خارجية البيرو التي أعلنت استقالتها بعد ساعات من خبر يقول إن موظفينن في وزارتها تلقوا لقاح كورونا قبل المواطنين، من منا سمع أن وزيرا عراقيا قدم استقالته ؟ وربما كنا نضحك على بعضنا حين توهمنا أن الوزيرة المؤمنة عديلة حمود ستقدم استقالتهاوندمها بعد أن أكلت النار عشرات الأطفال الرضع في مستشفى اليرموك.
تعودنا في هذه البلاد ان المسؤول يعاني دائما من تلبد في المشاعر الانسانية ، لا تهمه ارقام الفقر وحجم الخراب ، المهم حجم الارصدة التي حصل عليها من خلال عملية نهب منظم ، وتعودنا في هذه البلاد ان الحيتان لايهمم اذا ما مات الالآف من العراقيين .
بالأمس كنت أنظر إلى وجوه ساستنا وهم يستمعون إلى ما قاله البابا فرنسيس وهو يطالب بالتصدي "لآفة الفساد" و"إشاعة العدالة الاجتماعية" ، تذكرت وجوه فقراء بلادي الذين يعيشون منذ سنوات في ظل وعود كاذبة، ومشاريع وهمية عن الإسكان والتنمية والصحة والتعليم والكهرباء كل يوم تسرق أموال البلد، في كل مرة يخبرنا المسؤولون أن على الفقراء والمعدمين وحدهم أن يتحملوا أكثر مما يتحملون، وبالأمس أيضا شاهدت الفرحة على وجوه عائلة الطفلة العراقية " لافين إبراهيم جبار"، التي تلقت اغلى عقار في العالم تتجاوز كلفته المليونين دولار، وأتمنى أن لا يتوهم البعض ويعتقد أن وزارة الصحة العراقية تكفلت بعلاج الطفلة، أو أن الملياردير حمد الموسوي كان أول من أعلن عن تبرعه للطفلة، بعد أن لفلف مليارات الدولارات من مزاد العملة. . لا ياسادة الذي انقد الطفلة العراقية مسؤول يعرف قيمة الحياة ، ويدرك ان مهمة الحاكم هي رعاية الناس حتى وان لم يكونوا من مواطنيه .
حاكم دبي محمد بن راشد الذي اعاد البسمة الى الطفلة العراقية " لافين " اثبت انه استاذ في الانسانية والحياة .. واثبت ان المسؤولية خليط من العدالة والمحبة ورضا الناس .