TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: لا نريد محكمتكم

العمود الثامن: لا نريد محكمتكم

نشر في: 8 مارس, 2021: 08:57 م

 علي حسين

عندما يصر مجلس النواب بكامل "قيافته" على فرض فقهاء الشريعة في المحكمة الاتحادية.. وفي الوقت نفسه يتغنى بالديمقراطية والدولة المدنية.. فما هي الرسالة التي يريد السادة النواب إيصالها للمواطن المحاصر بالفقر وغياب الخدمات وكورونا؟ .

ربما تُفهم المسألة على أنها حماسة من جانب نواب نسأل الله أن يهدأوا قليلاً وينزعوا عباءة الروزخونية، وقبعة المدنية، وربما تُفهم فى إطار خطاب طائفي، يحول معركة الإصلاح السياسي إلى معركة طائفة ومصالح.

في الأيام الماضية انشغلنا بخطب الساسة عن التسامح ونبذ الطائفية حتى أن البعض منهم أصر على أن يعلم بابا الفاتيكان معنى المحبة.. وتناسينا أموراً حيوية يتم طبخها على نار هادئة في البرلمان، أبرزها مشاورات ومناورات للعودة إلى موضوع تعيين فقهاء من الصوبين "سنّة وشيعة" ضمن قانون المحكمة الاتحادية، ومنحهم حق "الفيتو" على أي قرار لا يرونه مناسباً، ليس للمواطن وإنما لقناعاتهم الدينية ولأن البعض يتخذ من الدستور شعاراً يرفعه في وجوهنا كل يوم فإنني أحيله إلى المادة الثانية من الدستور والتي جاء فيها: "لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية، لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور، يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في الحرية والممارسة الدينية، كالمسيحيين، والإيزيديين، والصابئة".

فما الذي تغير حتى نجد البعض مصراً على "لفلفة" الديمقراطية ووضعها في جيبه؟، ولماذا يتخوف السياسيون من الدولة المدنية ويريدون أن يجعلوا من المحكمة الاتحادية حائطاً لمنع التيارات المدنية وأبناء الطوائف الأخرى من العيش في بلدهم آمنين مطمئنين؟ .

للأسف، يعتقد البعض من دراوشة السياسة أن مشكلة العراقيين هي أنهم قوم "كفرة" يعيشون عصور الجاهلية ومن واجب دعاة الفضيلة والحشمة أن يهدوهم إلى طريق الهداية.

كانت الناس تتمنى أن يكون شعار مجلس النواب هو التعايش بين مكونات المجتمع العراقي كافة، وكانت الناس تتمنى أن يترجم هذا الشعار عملياً عبر مؤسسات تحتضن الكفاءات، وقوانين تحارب الطائفية والانتهازية السياسية وسرقة المال العام .طبعاً في خضم الشعارات الثورية ونشوة الانتصار ينسى جميع السادة دراويش البرلمان أن معظمهم يحملون جنسيات لدول أجنبية، قوانينها مدنية، ولم نسمع يوماً أن أحداً اعترض على قانون في الدنمارك او وضع أنفه في تشريعات هولندا أو السويد أو بريطانيا.

هل نريد أن نتحول إلى دولة دينية؟ طبعاً من حق الأحزاب الإسلامية أن تنفذ مشروعها السياسي، لكن علينا أن لا ننسى أن كل هذه الأحزاب ظلت أيام الانتخابات، تصدع رؤوس المواطنين بالحقوق المدنية والديمقراطية.

لتكن محكمة اتحادية عراقية خالصة، وليست مجرد هيئة تتبع بعض الأحزاب، فالوطن ليس بحاجة إلى فقهاء في المحكمة الاتحادية بقدر حاجته إلى رجال دين يفضحون الفساد والمفسدين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram