TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ما لا يليق بأربيل !

ما لا يليق بأربيل !

نشر في: 12 نوفمبر, 2012: 08:00 م

أربيل عاصمة للسياحة العربية عام 2014 .. أربيل قبلة العراقيين  وملاذهم في شدائد الأحداث .. أربيل آلاف الشركات الأجنبية والعربية للبناء والإعمار والاستثمارات  .. أربيل العملاقة بحياتها الخاصة ..قيل عنها الكثير وهي رئة الأمل العراقي والمثال والأمنية للمحافظات الأخرى .. هذه الـ أربيل لا نريد لها أن تتشوه صورتها ببعض المناظرالمخدشة لحاضرها ومستقبلها القادم ، وقد كتبت ذات مرّة عنها معتبرا إياها مدينة المستقبل حقيقة ..
في الكثير من تقاطعات شوارعها وتحديدا في تقاطعات الإشارات المرورية يخدشك منظر مجاميع من الأطفال وبعض كبار السن  يمارسون التسول بطرق ملتوية ، مثل مسح السيارات أو بيع العلكة أو المسبحات ، هؤلاء الأطفال يتقافزون من سيارة إلى أخرى يحرجون أصحابها بالتوسل والإلحاح ، وفي كثير من الأحيان تنجح توسلاتهم وإلحاحاتهم في الحصول على مرادهم من مبالغ صغيرة ، دفعا للمنظر المؤلم لهؤلاء الأطفال والمسنين في عاصمة استطاعت خلال سنوات أن تكافح البطالة بفعالية وتخفض نسبها من 14% إلى 6% وأن تؤسس لبنية تحتية تعليمية عالية المستوى وأن تقر نظاما للدعم الاجتماعي ،ومنه مخصصات الطلبة ،يساهم في الاستقرار الاجتماعي ومعالجة الكثير من الظواهر السلبية التي تنتشر في بقية محافظات البلاد.
الحالة لم تتحول إلى ظاهرة بعد ، لكن تزايدها يوحي بإمكانية أن تتحول هذه الحالات الفردية إلى ظاهرة يصعب علاجها ، بل وتحتاج إلى إمكانات كبيرة لمعالجتها ، لذلك نضع الإصبع عليها الآن لكي ندرس أسبابها والنتائج السلبية من احتمالات تطورها وانتشارها ، والجهات المعنية مسؤولة مباشرة  عن رصد الحالات ومعالجتها بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المهتمة بمثل هذه المواضيع ومنها منظمات حقوق الأطفال .
في الكثير من الأحيان تغطي مثل هذه الحالات الشاذة على الصورة العامة الجميلة ، وتترك انطباعات سلبية ، ليس فقط للسياح ، بل لدى أبناء المدينة أنفسهم عن التقصير في رصد مثل هذه الحالات ومتابعتها ، لأنها تحيل إلى الكثير من الملفات ومنها ملفات حقوق الإنسان ومنهم الأطفال بطبيعة الحال  
كان الأطفال في الاتحاد السوفيتي ، سابقا ، يسمون بطبقة الملوك ، في بلاد لا تعترف بالطبقات والملوكية ، وسبب التسمية هي الامتيازات التي كانت ممنوحة للأطفال في مختلف مجالات حياتهم .. وأنا شخصيا أتمنى للعراق عموما وأربيل في وضعها الحالي أن تتكون لدينا طبقة ، ليس من الجشعين والمستغلين ، وإنما طبقة ملوك عدادها الأطفال ، يتمتعون بمباهج الحياة في مرحلة الاستمتاع المطلق بها ..وإذا كانت أمنياتنا لبقية أنحاء وبلدات العراق وعاصمته بعيدة المنال لأسباب لامجال لذكرها هنا ، فأنا أعتقد أن هذه الأمنيات ممكنة التطبيق في أربيل وكردستان عموما لأن الإمكانات متوفرة والإرادة حاضرة والمطالب مشروعة..
نكررها ثانية من أن على المسؤولين متابعة حالات أطفال التقاطعات والبحث عن الأسباب وابتكار الحلول ، قبل أن تستفحل الحالات الفردية فتصبح ظاهرة مخدشة لصورة أربيل الجميلة .. وحتى ذلك الحين نتمنى أن لا نرى طفلا واحدا في التقاطعات يتسول  وتحرجك في عينيه البريئتين آلاف الأسئلة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: نازك في السراي

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: من الفوضى إلى التهريج

يوميّات سوريةً

بعد "طوفان الأقصى".. ترسيم نظري لخارطة الحرب في الشرق الأوسط

العمودالثامن: العيش في دولة عادلة

 علي حسين تشغلني موضوعة العدالة وسؤال يطرح دوما : كيف يمكن أن نعيش في ظل دولة عادلة؟، خصص لنا الفيلسوف أرسطو مجلداً ضخماً أطلق عليه "علم السياسة" وهو الكتاب الذي تُرجم للعربية قبل...
علي حسين

قناديل: مع انعقاد معرض العراق الدولي للكتاب المنقذُ من ضوضاء العالم

 لطفية الدليمي نعيشُ في عصرنا الحالي وسط بيئة ضوضائية صار معها الكائن البشري يعاني -رغماُ عنه- شيزوفرينيا ضوضائية. الضوضاء تحيطنا كلّ آن وكلّ مكان. لا مهرب لنا من هذه البيئة الضوضائية حتى ونحنُ...
لطفية الدليمي

قناطر: يحدث في سوريا ما قد يحدث في العراق

طالب عبد العزيز أيئستَ من انتصار أهلك بغزة؟ أما زال قلبك يتفطرُ كلَّ يوم بسماع أخبارهم؟ أحزين على ما حدث بجنوب لبنان؟ أيمكنك أنْ تشيحَ بوجهك عمّا يحدث في سوريا؟ أمرعوبٌ بما قد يحدث...
طالب عبد العزيز

سكونية الثقافة وقلق الشعب والوطن

ياسين طه حافظ لا أُخفيكم اني أفكر بالتوقف عن الكتابة بعد ان ساء بصري حتى لم اعد ارى إلا بعسر. وحتى بتّ انتظر العملية او يوم إنقاذ ما تبقّى منه.. ولكن لسبب ربما هو...
ياسين طه حافظ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram