علي حسين
منذ أن قرر البرلمان العراقي عام 2011 أن يجهز سفينة تبحر إلى البحرين لدعم المحتجين في المنامة، وذرف إبراهيم الجعفري الدموع داخل قبة البرلمان على أحوال شعب البحرين، ونحن نعيش شيئاً أقرب إلى الكوميديا السوداء في خطابات المسؤولين العراقيين.
ذلك أن دموع الجعفري "الكوميدية"، كان أولى بها شباب الاحتجاجات في العراق الذين خرجوا في 25 شباط عام 2011 يطالبون بالعدالة ومحاسبة السراق.. وكنت أتصور أن هذه المشاهد الكوميدية سيسدل عليها الستار لولا الظهور الأخير "لنجم" الشاشة عامر الكفيشي ، وهو يطالب بإنقاذ شعب البحرين، ومساندة الحوثيين في اليمن.. وفي الوقت الذي يجهز فيه الكفيشي جيوشه لاحتلال الخليج، يخبرنا أن مقولة فصل الدين عن السياسة أكذوبة، فلا سياسة من دون رجال دين، ويقدم الكفيشي نظرية جديدة في الحكم، وهو يتلمظ بكلمات مثل العفة والشرف، ويبكي على بغداد التي يتظاهر فيها الشباب تحت نصب الحرية فيرتكبون الآثام، بحسب قوله، وفي الوقت الذي يحذرنا به عامر الكفيشي من التظاهرات في محافظات العراق، نجد السيد الكفيشي نفسه بشحمه ولحمه يدافع وبحرارة عن تظاهرات يتمنى أن تندلع في دول أخرى، وينسى " المفكر " الكفيشي أن هناك فقراً وعوزاً في العراق وأن هناك عوائل تنام تحت سقوف من الصفيح، وأن إرادة الناس مستلبة وأن البلاد على شفى هاوية بسبب صبيانية وتعنت مسؤولينا الكبار. لقد مارست احزاب السلطة أبشع وسائل القمع ضد التظاهرات، واستخدمت كل أشكال الترهيب لكي ينسى العراقيون أن لهم حقوقاً في رقاب المسؤولين.. قالوا لهم مبكراً إن مؤامرات خارجية وداخلية جاهزة للتنفيذ من خلال تظاهرات الشباب وأن مخططات لزعزعة الاستقرار وتقسيم البلاد ستكون في انتظار من يخرجون ليهتفون ضد الفساد والمفسدين.. فما الذي تغير، حتى نجد الكفيشي يرفع لواء التغيير خارج حدود العراق ؟
في كل مرة تنتاب عامر الكفيشي حالة من الدروشة وهو يصرخ: لماذا تسمحون بإقامة دولة المواطنة ؟، ثم يقرر أن يتحول من محاضر إلى خطيب منبر ليشن هجوماً على كل من يرفع شعار الاختلاف والتنوع، فبنظره أن كل شباب العراق إنما يريدون أن يحولوا العراق إلى بلد فاجر تستباح به الفضيلة والأخلاق..
كنت أتمنى أن يعرف السادة أصحاب تظاهرات البحرين ودعم الحوثيين أن في العراق عوائل لا تحصل في اليوم على أكثر من دولارين، هؤلاء الفقراء تظاهروا ويتظاهرون ولكن لا من مجيب، وكنت أتمنى لو أن الكفيشي خصص وقته للحديث عن ظرورة عودة المسيحيين الذين هجرهم أصحاب مشروع ربط الدين بالسياسة وجعلوهم هائمين في طرقات الغربة.. المضحك ان الكفيشي الذي يطالب شعب البحرين بالثورة ، يلعن العراقيين لأنهم يرفعون شعار انقذونا من خراب " حيتان " السياسة .