عمــار ســاطع
قد تكون مواجهة قطبي الكرة العراقية، بين فريقي القوة الجوية والزوراء، أشبه بصراع إرادة بين ناديين يملكان من القاعدة الجماهيرية ما تكاد تَحلمُ به كل أندية البلاد قاطبة، مثلما قد تكون مباراتهما التي تجري، اليوم الخميس الحادي عشر من آذار الجاري، أقرب لأن تكون مُحتدِمة بكل ما تحملهُ الكلمة من معنى!
نعم.. الفريقان يُعدّان من قِمم الفرق العراقية، كيف لا وهُما يقفان في مقدّمة ترتيب الفرق بختام 22 جولة من عُمر مسابقة الدوري الممتاز، فالقوة الجوية يقفُ في الصدارة بـ 47 نقطة متقدّماً على ملاحقهِ الزوراء بست نقاط، وهو أمر يجعلُ لقاء اليوم في ملعب الشعب الدولي، ناريّاً الى درجة كبيرة!
الجويون يرغبون في خطف الفوز من غريمهم الحقيقي، لضمان الابتعاد عنه بفارق من النقاط يصل الى تسع، وإبعاد الضغوطات عن عناصره، وتعويض إخفاقه الجولة الماضية بهدفين لهدف أمام الصناعات الكهربائية، في وقت يحاول الزوراء ضرب أكثر من عصفور خلال خطف الأضواء عبر إلحاق الهزيمة بالمتصدّر وتقليص فارق النقاط معه والإبقاء على سجلّه التاريخي ناصعاً، وأعلى قدرة من فريق متطلّع وعازم على خوض الموسم الحالي بشكل استثنائي!
وللأمانة فإن المنطق الحقيقي بين الأزرق والأبيض يفرض نفسه على جوانب كثيرة من المواجهة التاريخية التي تحمل الرقم 80 بين طرفين مهمين وكبيرين بكل شيء، فالقوة الجوية اليوم في قمة استقراره الفني بظلّ وجود مدرب خبير يملك من التجربة ما تجعله يقف عند مقدمة المدربين الفاعلين، وهو أيوب أوديشو، الاسم التدريبي الكُفء الذي أرتبط بالنتائج الإيجابية منذ أكثر من 25 عاماً!
وما دُمنا نتحدّث عن الأمانة في المنطق، فإن الغريم المعروف بأرقامه القياسية، الزوراء، يسعى الى كسر حالة الجمود التي جعلته يهدر النقاط جرّاء ما آلت اليه نتائج مبارياته بالتعادل نحو 11 مرّة، وهو رقم ترك علامات استفهام عدّة، على الرغم من وجود مدرّب مجتهد ومُتطلّع يقودهُ صوب تحقيق التفوّق، اسمه راضي شنيشل، والذي أعاد الزوراء الى حالته الطبيعية منذ عشر مباريات، برغم فقدانهِ نقاطاً كثيرة جرّاء تعادلات لم تصب في صالحهِ.
مواجهة الصقور والنوارس ستكون مواجهة كلاسيكو الكرة العراقية وديربي العاصمة بغداد، كونهما يعيشان في زهو المحطّة الفنية الفعليّة، على اعتبار أن الفريقين يتفوّقان بلغة الأرقام، كلٌ حسب ما يملكه من نتائج، فالزوراء مثلاً لم يتعرّض للخسارة سوى مرّة واحدة أمام زاخو، بينما حقّق القوة الجوية الفوز 14 مباراة وهو الرقم الأعلى الذي لم تصل إليه الفرق الأخرى.
الزوراء المعروف بِتحطيمه للأرقام القياسية المشهودة، يملك أقوى خط دفاعي الى جانب النجف، إذ أهتزّت شباكه 11 مرّة في 22 مباراة، وهو معدّل إيجابي، في حين أستثمر الجوية الفرص الهجومية بالشكل الأمثل، ونجح في هزّ شباك منافسيه 35 مرّة في مبارياته التي خاضها، وهو المعدّل التسجيلي الأفضل من كل الفرق الأخرى في جدول الترتيب، ومن هذا نستكشف أن الصِراع سيكون على أشدّه بين الفريقين على الأديم الأخضر.
ولو تطرّقنا الى قائمة النجوم، فعلينا أن لا نبخِس حقَّ متصدّر ترتيب هدافي الدوري، مهاجم الجوية أيمن حسين، الذي استطاع بمفردهِ تسجيل 14 هدفاً يلاحقهُ مهاجم الزوراء مهند عبد الرحيم في المركز الثاني برصيد 10 أهداف، والمفارقة أن كلا اللاعبين سجّلا هدفي مواجهة الذهاب لفريقيهما في اللقاء الذي احتضنه ملعب كربلاء الدولي في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وأنتهى بالتعادل بهدف لمثله!
أرقام مواجهة القوة الجوية، أعرق أندية البلاد، والزوراء، صاحب الرقم القياسي بخطف الألقاب، تجعلنا اليوم نقف عند المواجهة 79 التي انطلقت قبل 47 عاماً، والتي حَسَمَ الزوراء لصالحهِ النتيجة 28 مرّة مقابل 26 للقوة الجوية الذي هزّ شباك الزوراء 95 هدفاً، بينما يتفوّق الزوراء من حيث الأهداف التي وضعها في شباك الجوية بثمانية أهداف أي بـ 103 أهداف، في وقت تحقّق التعادل بين الفريقين 25 مرّة!
حقاً أنه صراع إرادة بين غريمين يتفوّقان بكل شيء، وهو ما يمنحنا الحق في أن نطلق على المنافسين اللدودين، لقب (العميد) على القوة الجوية، لتأريخهِ الحافل وعُمقهِ المعروف، مثلما من حقّنا أن نُسمّي الزوراء (الزعيم) لهيمنته على كل الأرقام!
نتمنى أن نشاهد أداءً كروياً مشهوداً ينفضُ غبار الركود الحاصل في أجواء مسابقة الدورين، مثلما نأمل أن نرى مباراة تليق بين المتصدّر ووصيفه، أملاً بأداء يبقى حديث الشارع الكروي لأيام وأسابيع، بل وحديث الموسم برمّته.